آراء ومقالات المزيد

حدث | أرى.. أسمع.. أتكلم - بقلم : د. غازي العتيبي

19/06/2018 01:02 ص
حدث | أرى.. أسمع.. أتكلم - بقلم : د. غازي العتيبي
**

دارت الأحاديث، وتصاعدت أصوات النقاش، احتد أحدهم، وهو يقول: اسمعني لو مرة.

وما أن قالها، حتى زاد الآخر في الهجوم، وكأنه كبريت، وشب حريق.

لن نعرف ما نقول، حتى ننصت لما يقوله غيرنا، فحين يغيب السمع، تغيب الرؤية، ويصبح الإنسان أعمى، حين تدخل في أي نقاش ضع في بالك ان ما تقوله ليس هو التمام ولا نهاية المطاف، فكم من إنسان صحح فهمه بعد أن سمع غيره وراجع نفسه وعدل من سلوكه، واتضحت لديه الصورة.

مثلكم عارفين، من لا يسمع سوى نفسه ففهمه محدود، وتجده يلجأ للصراخ كنوع من الهروب ولا يعطي غيره فرصة التعبير، وهذا للأسف وعيه في تراجع، يصطدم حتى مع ذاته.

إشارة المرور لتنظم السير، لا بد ان تقف وتستعد لتنطلق، ويستتب الأمن في المكان، كذلك أخلاقيات الحوار لا بد أن تقول وتصمت لتسمع من زاوية الآخر، ربما كنت مخطئا أو جاهلا.

لو كل إنسان سكت فترة من الوقت، وسمح للمقابل يكمل كلامه، لاستطاع أن يضبط نفسه ويدير فهمه ويوزن الأمور، لكن خذوهم بالصوت كرس في نفسية البعض الخوف من أن يقال عنه، لأنه يرى أنا الأفضل، أنا لا أخطئ كلامي هو الصح، وغيرها من الأسس الهزيلة، التي ربت فينا عدم الاعتراف، ومواجهة الذات فمنذ الصغر حين كان الآباء يعاقبون الأطفال لا ينتظرون منهم حتى فرصة للتبرير والكلام ويتطرقون مباشرة للعقاب، وهذا يخلق حاجزا ضد اعتراف الإنسان بخطئه، وشعوره بالذنب، الذي يحاول أن يطمره بسوء التصرف، والأدب مع البعض.

إذا عطلت حاسة السمع، تعطلت جميع الحواس، وأصبحت دون أساس، وإذا نميتها، نما لديك أسلوب الحوار، واستطعت ان تدرك نقاط ضعفك بخلفية قواك.

الانصات فيه إنصاف، فأنت تتخلى عن أحكامك، تجرد ذاتك من ترسبات علقت منذ زمن.

هل سألت نفسك لماذا تتحول بعض الصداقات لخصومة؟ الجواب: في ان كيفية الحوار وتبادل الأدوار بين منصت ومتحدث لم تكن بشكل منصف، فتصبح العملية الحوارية، تحصيلا حاصلا. حين تقف عند أحدهم فقط، ستجعل من الصعب للفهم أن يستمر.

حين تسمع تنفتح أمامك الأبواب، ربما ترى نفس المشهد لكن بصورة أكثر إلماما، ومفهوم واسع وشامل، يتيح لك كامل الملامح ويأخذك من جاهل لعارف.

إذا جالست الجهال فانصت لهم، وإذا جالست العلماء فانصت لهم، فإن في انصاتك للجهال زيادة في الحلم، وفي انصاتك للعلماء زيادة في العلم.

Twitter @Dr_ghaziotaibi

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد