آراء ومقالات المزيد

حدث | أمطار خير.. حولوها لخوف! - بقلم : محمد الدجيني

22/11/2018 12:31 ص
حدث | أمطار خير.. حولوها لخوف! - بقلم : محمد الدجيني
**

قديما كنا نستبشر بالأمطار ونتغنى بقدومها.. كنا نستمتع بـ «الوسم» وتزداد فرحتنا بـ «الديمة» إذا استمرت الأمطار لثلاثة أيام أو أكثر.. كنا ننتشر معها في الشوارع والساحات، ونتنقل بين المتنزهات و«الكشتات» البرية للاستمتاع بتلك الأجواء الساحرة، لاسيما في بيئتنا شحيحة الأمطار.. كنا نردد عبارات الحمد والشكر على هذه النعمة العظيمة.

مرت الأعوام وتبدلت الأحوال، لكن اشتياقنا لتلك الأجواء ظل كما هو دون تغيير، فالمطر نعمة كبيرة من المولى عز وجل الذي قال في محكم كتابه العزيز (وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون، فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون.. المؤمنون 18- 19).

لكن بكل أسف، في ظل ما حدث الأسبوع الماضي، تحول الفرح بقدوم الأمطار إلى خوف غير مسبوق، فقد كشفت الأمطار الغزيرة المستور، وكانت كل قطرة منها تعري مكامن الخلل وتفضح أوجه الفساد المتغلغل في مختلف الجهات الحكومية، حيث انهارت شبكات الصرف وأغلقت العديد من الطرقات، وغرقت الكثير من المنازل، وانجرفت عشرات السيارات في عدة مناطق، لنجد أنفسنا أمام حالة من الذعر أصابت الكبار قبل الصغار.

الأرقام المليونية التي كنا نسمع عنها من المسؤولين بين فترة وأخرى لتنفيذ وصيانة مشاريع الصرف وشبكات الأمطار ذابت سريعا تحت غزارة الأمطار، بينما وجدنا خلطة الأسفلت «السرية» القادمة من دول أوروبية تتفتت تحت زخات المطر وكأنها حفنة من الرمال، أما في المدن الجديد فقد ظهر جليا سوء التخطيط ورداءة التنفيذ وانعدام المراقبة والمتابعة من المعنيين.

هذه الأمطار التي لم تتجاوز 100- 120 مم وضعتنا أمام الصورة الحقيقية لمشاريعنا المليونية، وكشفت عن مدى انتشار الفساد في وزارة الأشغال وهيئة الطرق على مدى أعوام طويلة.

الحقيقة المرة أننا اكتشفنا أن الاستعدادات الحكومية للتعامل مع التحولات والتغيرات الجوية لا تصلح لإنقاذ منطقة واحدة، فما بالنا بدولة كاملة، وتأكدنا من مدى حاجتنا بشكل عاجل لخطة متكاملة أو لنقل جهة متخصصة تتولى إدارة الأزمات، يمكنها اتخاذ القرارات السليمة وإصدار الأوامر السريعة لمختلف جهات الدولة المعنية لنتحرك في منظومة متكاملة سعيا إلى احتواء الأزمة وتجنيب البلاد والعباد أي مخاطر.

وقد طرحت هذه الأزمة تساؤلات عدة في نفوسنا جميعا كان من أبرزها:

متى سنجد الرجل المناسب في المكان المناسب بعيدا عن الترضيات والحسابات الخاصة؟ متى سيتم التخطيط لمشاريعنا بناء على أسس علمية تراعي مختلف التغيرات وتتمكن من استيعاب الأزمات؟ متى سنرى محاسبة حقيقية للمفسدين والمرتشين والمقصرين مها كانت أسماؤهم أو علت مناصبهم؟ متى سنرى مسؤولا فاسدا يقبع خلف القضبان وتستعيد الدولة كل ما نهبه واستولى عليه؟ إلى متى سيظل الكلام عن محاسبة المقصرين والفاسدين مجرد «بيانات تسكين» حتى تمر الأزمة؟ متى سيبادر غير القادرين على تحمل المسؤولية وأصحاب الأيادي المرتعشة في مختلف المناصب الإشرافية إلى التنحي جانبا وترك المهمة لمن هو أهل لها حتى تتحقق التنمية الحقيقية التي يسعى إليها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.

أما عن الشركات المخالفة في مواصفات المشاريع فقد قرر مجلس الوزراء في اجتماعه يوم الاثنين الماضي منعها من الحصول على مناقصات جديدة، لكن ماذا عن الأضرار البالغة التي تكبدتها الدولة والمواطنون والمقيمون بسبب فساد هذه الشركات؟ من الذي سيتحمل هذه الفاتورة الثقيلة؟

٭ قبل الختام: رغم ما نشعر به من أسى، لابد أن نشيد بجهود أبنائنا من رجال الجيش والداخلية والحرس والإطفاء والدفاع المدني والصحة والكهرباء والنفط وفرق الطوارئ في الأشغال والبلدية وفريق «صقور صباح» الذين توحدوا في مواجهة هذه الأزمة، وبذلوا جهودا كبيرة لتخفيف آثارها ومعالجة تداعياتها.

ولابد من الثناء على وزارة الإعلام التي أظهرت إبداعا حقيقيا في متابعة كل تفاصيل تلك الأزمة ونجحت في توعية الجماهير بشكل احترافي.

٭ وأخيرا: هناك رسالة عاجلة أوجهها للشعب الكويتي بضرورة الانتباه إلى من يروجون الشائعات التي تتسبب في ترويع المواطنين، لتحقيق مآرب رخيصة دون أي وعي للعواقب الوخيمة على البلد.

على الدولة أن تتعامل مع هذه النوعية المعروفة باسم «الطابور الخامس»، حتى نجنب الناس شروره، فلا يعقل أن يصبح هم إعلامنا الرسمي نفي هذه الشائعات وتوضيح الحقائق.

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد