آراء ومقالات المزيد

حدث | أَسْعِدْ من تُحِب - بقلم : د. سعود محمد العصفور

22/01/2019 12:51 ص
حدث | أَسْعِدْ من تُحِب - بقلم : د. سعود محمد العصفور
**

قُلْتُ:
مَليْت كفين بالوهم وأخفيــت
ملامح وجه كنت أظنه يَـخفي
ورسمتك طيف خيالي بيــــت
هدمته وما كنت أظنـه يچفي

الحب نهر الخلود، آسر للقلوب، مفرح كل محبوب بمن أحب، لا ينقطع الناس عن تعَّشقه، والأدباء عن تتبع منابعه نثراً ونظماً. تنساق له الأفئدة طواعية، وتنقاد له العقول دونما ضابط ولا سابق رابط، لا يعرف عمراً ولا نسباً، ولا رتبة ولا آصرة.
 
ومن أحب بذل الاهتمام، فلا حب دون إشعار به، ففي الحضور يتم السرور والوئام، وفي الغياب يتحتم السؤال عن الحال والأحوال، دقيقها وجليلها. فسعادة من أحب أن يكون متابعاً له في حله وترحاله، يعرف من يتصل به نسباً، ومن يصادقه معرفة وقرباً، لأن في ذلك اكتمال الإحاطة، وجمال الاشتمال عطفاً ووداً.
 
ومن أحبَ أسعد من يُحب، ونافسه في الشوق والاشتياق، وجلب مباهج الأنس له في كل ناحية، وطوقه بسياج المحبة، ومباهج المحبة، وأشاع السرور، وساق الحبور، حتى إذا ما تاقت نفسه لمن أحبَه بذل دموع شوقه رقراقة لأجله، وإشعاراً له بشدة الاحتياج.
 
كلمة المحب جميلة في كل معانيها، مديح وثناء، ومتابعة وملاحقة في إبراز جميل الصنيع منظراً وجوهراً، فلا تحلو حياة المحبين من الغزل وتوابعه، فالغنج إنما يستبين بلواحقه من الثناء والمديح، ولا يتأتى بقبيح المشابهة وخشونة الملافظة.
 
والتنوع في إبراز الود يجلب السعادة ويديمها، بل يبعدها عن الرتابة، فكم من زهرة كانت قابعة في محال الورد اشتاقت لأن تحمل إلى قلوب المحبين لتبهجهم بعبقها وروعة منظرها. وكم من هدية بمغزاها أو بثمنها أضحت لغة لا تحتاج في قلب المحب إلى ترجمة لفظية!
 
ومن تاق لمن أحب حرص على الوفاء لكل ما جمع بينهما من ودٍ وإلفة، فلا يذكره عند قريب إلا بخير، ولا عند بعيد إلا بخير، يذكر أنسه، وبراهين جمال ما جمع بينهما من سعادة. ومن توابع الوفاء أن من أحب كتم سر من يُحب، فأظهر الجميل، وعف عن ذكر المقدح والمقذع.
 
ومن بعد حبٍ قد تبدي الأيام بين المحبين صداً وهجراناً. ومن جادت نفسه بالخير رجع لحبيبه ملتاعاً، تسوقه حرقة العبرَّة وتباريح الأشواق، تَذَكر العِشرة وجمال الإلفة، أيام أنس كانا فيها معاً، فحبذا الأوبة والاجتماع. إنه الحب يصنع المباهج، يجعل الحياة أكثر رحابة وجمالاً، يلبس العاشقين أثواب الطهر والعفاف، وينزع عنهم لبوس البؤس والشقاء.

dr.al.asfour@hotmail.co.uk

القبس

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد