آراء ومقالات المزيد

حدث | التعليم في الكويت.. كارثة - بقلم : م. فهد داود الصباح

20/02/2020 12:55 ص
حدث | التعليم في الكويت.. كارثة - بقلم : م. فهد داود الصباح
**

عندما تحتل الكويت اخر مراتب ايام التعليم الفعلي خليجيا في دراسة لصندوق النقد الدولي، عندها يجب ان نعيد النظر في كل المنظومة التعليمية، اذ لا يصح بعد قرن من التعليم النظامي ان نحتل هذه المرتبة، فيما يجب ان تكون الكويت اصبحت بعد الخبرة الطويلة في مصاف الدول المتطورة تعليميا، لا سيما ان الانفاق الهائل على هذا القطاع يوحي اننا في موازاة الولايات المتحدة او كندا او بريطانيا او النرويج من حيث ايام التعليم الفعلية، وهنا لا نتحدث عن المعضلة الاخرى التي تواجهها العملية التعليمية وهي المناهج، اذ لا يزال قطاع التعليم الى اليوم يعيش ازمة قرار حقيقي في اعتماد المناهج المتطورة.

144 يوما يقضيها التلاميذ والطلاب في التعليم الفعلي سنويا، بينما المعدل الوسطي العالمي هو 170 يوما، وفي التعليم الاساسي عندما تصبح الاجازات كثيرة يصبح الانقطاع سببا للتجهيل وليس اجازات ذات مردود فعلي، ولهذا فان قرع جرس الانذار بهذا الشأن لم يعد مجرد ترف، او انتقاد للانتقاد، بل محاولة لرفع مستوى التعليم وتنشيطه فيما يخدم المصلحة الوطنية.

منذ سنوات نسمع عن تغييرات في المناهج التعليمية غير انها كلها تصب في التخلف والتجهيل، وبالتالي عندما نتحدث عن الحاجة الى الكفاءات الوطنية في العمل، علينا اولا ان ننظر الى واقع المخرجات، وهل هي متكافئة مع متطلبات السوق، ام انها مجرد ارقام تضاف الى البطالة المقنعة من خلال الحشر في الوظائف الحكومية، وضعف الانتاجية، وزيادة الاعتماد على الوافدين، وبالتالي استنزاف الثروة الوطنية في هدر اساسه الكسل وعدم الجودة في مخرجات التعليم؟

لا شك ان التحولات الجذرية التي طرأت على المجتمع الكويتي في العقود الماضية، والقناعة التي سادت بين شريحة كبيرة من الكويتيين ان لكل شيء ثمنه، وانت لست بحاجة الى التعب طالما لديك من يؤمن ما تحتاجه بالمال، بدأ كل شيء في الكويت يتغير، وارتفعت نسبة الفساد في مختلف المجالات، واصبح الاعتماد على الاخر سمة اساسية، ما يعني ان كل المعالجات الارتجالية للخلل في التركيبة السكانية، وارتفاع معدل الجرائم، والعجوزات في الميزانية العامة وغيرها، كان مصدرها الكسل الذي طرأ على المجتمع، واساس هذا الكسل التعليم المتخلف، الذي نحن اليوم نواجه ازمة جديدة فيه، وهي ان تكون الاجازات نحو 200 يوم في السنة، فيما في بعض الدول المتقدمة، يصل عدد ايام التعليم الفعلي الى 220 يوما، والمخرجات تحتل اعلى المراتب عالميا، كان لجهة الجودة او لجهة متطلبات السوق، فالذي يتعود على ان يقضي كل هذه الايام في التعليم لا شك سيصبح بعد سنوات قادرا على العمل بالجودة نفسها التي تلقى فيها التعليم.

سنويا يخسر التلاميذ والطلاب في التعليم الحكومي ما يعادل ست حصص دراسية يوميا بسبب ايام التعطيل، وهذه الخسارة لا تعوض، ومع الوضع التعليمي المزري، وغياب الرقابة الفعلية على المعلمين، واللجوء الى اعتماد الدروس الخصوصية، يتحول التعليم برمته الى كارثة اقتصادية وحضارية، ويكون من الضروري العمل على وقف هذه الجريمة بحق الاجيال الطالعة، التي لن تحقق الاهداف التنموية المرسومة في الخطط البعيدة المدى للدولة، لانها بصراحة تفتقد الى الاسس التربوية والفكرية في تنفيذ تلك الخطط، ولهذا فان تحول الكويت الى مركز مالي وتجاري عالمي يصبح بعيد المنال، ومحاولة التشبه ببعض الدول الخليجية التي بدأت نهضتها بعد الكويت بعقود، لكنها سبقتها، يكون ضربا من الخيال، اذا كيف لفاقد الشيء ان يعطيه؟

ربما الدراسة الاخيرة لصندوق النقد الدولي مناسبة حقيقية للتوقف عند هذه الظاهرة التي تهدم المجتمع، وتجعل التعليم مصدرا للتجهيل، وهنا يحضرني قول ابو العلاء المعري:

لَدى موْطِنٍ يَشتاقُه كلُّ سيّدٍ

ويَقْصُرُ عن ادراكه المُتناوِل

ولما رأيتُ الجهلَ في الناسِ فاشياً

تجاهلْتُ حتى ظُنَّ أنّيَ جاهل

فوا عَجَبا كم يدّعي الفضْل ناقصٌ

ووا أسَفا كم يُظْهِرُ النّقصَ فاضل

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد