**

لا يخفى على من يتابع شؤون الحج على مدى عقود وسنوات ميزة وإضافة نوعية في مجال الإحصاء والشفافية بالمعلومات والبيانات، فالأرقام حاضرة بشكل ربما لم يسبق له مثيل بكل مراحل موسم الحج فرضته ظروف وتطورات تشهدها السعودية على رأسها برنامج خدمة ضيوف الرحمن ضمن رؤية 2030 والتي تضمنت أهداف: «خدمة المزيد من ضيوف الرحمن على أكمل وجه»، «تيسير استضافة المزيد من الحجاج والمعتمرين»، «تقديم خدمات ذات جودة عالية»، «إثراء التجربة الدينية والثقافية للحجاج والمعتمرين» وصولا لاستضافة 30 مليونا من الحجاج والمعتمرين بحلول عام 2030.

إن تحقيق أهداف كبيرة كهذه ليس أمرا هينا، ولذا عكفت منذ العام الماضي جهات عديدة من مختلف القطاعات الحكومية والخاصة والقطاع الثالث على دراسة وفهم واقع ومستقبل خدمة ضيوف الرحمن - بأدوات التفكير والتخطيط الاستراتيجي - تشرفت بمشاركة بعض منها لإضافة دور المعلومة وبيان أهمية الارقام لتحقيق هذه الغايات النبيلة.

إن للحج زمانا ومكانا خصوصية وخصوبة لجمع البيانات وتوفير المعلومات قلما تجد لها مثيلا، ففي حين تشد الجهات الاستطلاعية العالمية رحالها لمختلف الدول والشعوب بما يزيد عن 150 دولة أحيانا لمعرفة آرائهم، يشد المسلمون مما يقرب من 100 جنسية رحالهم لبيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف في رحلة تتنوع فعالياتها وأنشطتها وتأثيرها على المستوى الشخصي والأممي وغيره، يضاف لذلك فرصة وجود أوقات انتظار في مسيرة رحلة الحج، وتوافر الوقت الكافي لاستطلاع آراء ضيوف الرحمن ونسبة استجابة عالية منهم ومن له علاقة بهم فضلا عن فرصة وجود الباحثين المتطوعين في جمع البيانات وتوفير المعلومات واستثمار الوسائل الحديثة لذلك.

وانطلاقا من هذه الخصوصية، فقد زاد الاهتمام بتوفير احصاءات ومعلومات وبيانات مرتبطة بجوانب عدة منها: الخدمية والمعرفية والثقافية والحضارية وغيرها قدمتها جهات عدة على مدى سنوات وربما عقود سابقة مثل معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بمئات البحوث، وأوراق العمل، والدراسات، وما قدمه مكتب مثابة لاحقا من دراسات ميدانية وتقارير إحصائية سنوية وصلت حتى الإصدار الخامس، إضافة لما تقدمه بعض شركات الطوافة وقطاعات أخرى مرتبطة بالحج، فضلا عما يقدمه عشرات الباحثين والأكاديميين، ولعل ما يميز هذا العام والذي قبله ما قدمته الهيئة العامة للإحصاء من بيانات بطرق احترافية ويومية محدثة لاقت انتشارا واسعا على المستوى الشعبي والإعلامي والرسمي ضمن ما اطلقت عليه الرزنامة الإحصائية وإحصاءات الحج، وما صدر لاحقا في تقرير خاص، بالإضافة للوسائل التي استخدمتها في جمع البيانات وتثقيف الحجاج وعامة القطاعات بأهمية التعاون والاستجابة لمتطلبات العمل الاحصائي بالإشارة الى أن إحصاءات الحج تفيد متخذي القرار وتساند الجهات ذات العلاقة في التخطيط والتعريف بالخدمات التي تقدمها الجهات العامة والخاصة لخدمة ضيوف الرحمن.

إن القفزة الاحصائية التي توفرها الإحصاءات في الحج تعد إضافة نوعية يتطلع لها الباحثون والمستفيدون والمعنيون بمسيرة ضيوف الرحمن، وتشكل انطلاقة قوية وضرورية لأعوام قادمة من التطوير والتحسين في بيئة المعلومات لتحقيق الغاية الكبرى المتمثلة بإتاحة المجال لأكبر عدد ممكن من المسلمين لأداء هذه الفريضة العظيمة من كل أنحاء المعمورة، وليشمل ويمتد الأجر لكل من ساهم بتحقيق هذا الهدف حتى بمجرد الإجابة عن سؤال إحصائي وتقديم معلومة أو استخدامها.

الأنباء