آراء ومقالات المزيد

حدث | الصحة ليست طبيباً ودواءً ومريضاً - بقلم : د. هند الشومر

14/12/2018 12:38 ص
حدث | الصحة ليست طبيباً ودواءً ومريضاً - بقلم : د. هند الشومر
**

قديما كانوا يقولون: الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، والمعنى أن الإصابة بالمرض تجعل الإنسان يفكر في الصحة وهو ما جعل الناس يعتقدون أن الصحة مريض يتم تشخيصه ليأخذ الدواء من الطبيب، ومع الأسف الشديد فإن هذا الفكر أصبح سائدا على مستوى قيادات صحية تتولى مسؤوليات التخطيط وترتيب الأولويات والبحث عن تمويل للمشاريع الصحية.

وهكذا أصبحنا نبتعد في الفكر والخطط عن تعريف الصحة الذي عبر عنه دستور منظمة الصحة العالمية منذ صدوره في عام 1948 وأصبحت الصحة ووزارة الصحة وكأنهما تحملان نفس المعنى، ولكن يجب أن يدرك الجميع بمن فيهم القيادات الصحية أن الصحة أكبر وأكثر اتساعا من ذلك، بل إن تقارير المنظمات الصحية للنظم الصحية بدول العالم التي تنشر بشفافية على المواقع أصبحت تحتوي على العديد من عوامل التقييم والمؤشرات البعيدة عن المريض والدواء والطبيب ولكنها تؤثر في الصحة عاجلا أو آجلا، ومن تلك المؤشرات ما يتعلق بالتدخين أو التغذية غير الصحية أو الخمول البدني أو السمنة وزيادة الوزن.

وهناك مؤشرات أخرى قد ترجع إلى مرحلة الطفولة مثل الرضاعة الطبيعية والهزال والتقزم بين الأطفال وغيرها مما لا يتسع له المجال، وهكذا أصبح الفكر الجديد السائد في العالم عن الصحة والذي لا عذر لمن يتقلدون أرفع المناصب القيادية بالصحة من ألا يعيشوه ويخططوا وينشروه في المجتمع وهو أن الصحة هي محصلة السلوكيات والسياسات التي لا علاقة لوزارة الصحة بها لأن وزارة الصحة مشغولة بالطبيب والدواء والمريض وتخطط داخل هذا الإطار ونحتاج الآن إلى تغيير الفكر السائد والتخطيط للصحة من منطلق أكثر رحابة من قدرات وإمكانيات وزارة الصحة، لنفكر ونخطط ونعمل ونوجه الميزانيات إلى مراحل ما قبل المرض للوقاية من عوامل الخطورة التي تؤدي الى حدوث المرض وتقلل من الأعباء المترتبة عليه وهذا لن يتحقق إلا من خلال تحمل القيادات من خارج الصحة مسؤولياتها دون انتظار الدعوة من وزارة الصحة ولتكن البداية من وزارة التربية والبلدية ووزارة التجارة وعلى جمعيات النفع العام أن تقود المسيرة لإحداث التغيير المطلوب خارج الإطار الذي أصبح باليا وقديما وهو إطار وضع الصحة تحت مظلة وزارة الصحة فقط، وهو ما أدى إلى ما نعاني منه الآن من أمراض لم تتح الفرصة من قبل للوقاية منها عندما كانت فقط عوامل خطورة في مراحل ما قبل المرض والتي قد تتعلق بسياسات قطاعات من خارج الصحة أو تتعلق بسلوكيات أفراد لم تتح الفرصة لهم أو لم يجدوا من يصححها لهم لأن الصحة كانت أسيرة وزارة الصحة بفكر قديم آن الأوان للتحرر منه.

ولننتهز فرصة يوم 12 ديسمبر وهو اليوم الدولي للتغطية الصحية الشاملة الذي يحتفل به العالم هذا العام لأول مرة تنفيذا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 138/72الصادر في ديسمبر 2017 لنشر وتأكيد هذا الفكر الجديد، حيث ان العديد من عناصر ومؤشرات التغطية الصحية الشاملة تتعلق بسياسات خارج ولاية وقدرات وزارة الصحة.

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد