آراء ومقالات المزيد

حدث | المُعلم «الإلكتروني»! - بقلم : يوسف عبدالرحمن

22/09/2019 12:50 ص
حدث | المُعلم «الإلكتروني»! - بقلم : يوسف عبدالرحمن
**

y.abdul@alanba.com.kw

المُعلم جسرنا للتعليم والتنمية، وأداتنا إلى أنوار العلم وإزالة الجهل!

مارست التدريس في السبعينيات والثمانينيات، وتقاعدت بعد التحرير، وربينا أجيالا من أبناء الكويت نعتز ونفخر بهم، ولم يبق لنا في الذاكرة إلا رائحة الطباشير الأبيض الذي أتعب رئتنا وأنفاسنا، وصوت «دقة الجرس»، وذكرياتنا الحلوة مع القيادات المدرسية والزملاء المعلمين وتلاميذنا وطلابنا وأولياء أمورهم الكرام من ذاك الزمن الجميل الذي أحسبه لن يتكرر!

راح زمن المُعلم العتيج، وجاك زمن المُعلم الإلكتروني.

المُعلم الكويتي «العتيج» سابقا كان يرفع شعار «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، وكان بالفعل انموذجا وقدوة لمن هم بعده مقتديا بمن هم قبله.

في السابق، كانت مهنة التدريس والتعليم رسالة، والمُعلم صاحب رسالة وليس موظفا يُعدد أياما ليقبض راتبا.

كانت مهنة التدريس غالبا ما تكون توارثا بين المُعلم والمتعلم لأن المتعلم اليوم سيكون مُعلم الغد ومُعلم اليوم كان متعلما بالأمس وهي مهنة متوارثة إلى قيام الساعة.. أليس كذلك؟!

في السابق، كان «المُعلم العتيج» لا يعتبر هذه المهنة جسرا لوظائف أخرى أو يندب حظه مثلما ارى من المعلمين والمعلمات الآن!

كان يعطي 5 و6 حصص مع الاحتياط في اليوم الواحد، إضافة إلى الأعباء المعروفة من صنع وسائل معينة لدروسه وعمل الدرجات وتصحيح الواجبات ودروس التقوية، وكان محسودا على شيك العطلة الصيفية!

المُعلم العتيج لم يحسبها بميزان الربح والخسارة، وإنما اتكل على الله سبحانه ولم تكن مهنة التعليم للتكسب والارتزاق، بل رسالة سامية ومهنة شريفة ولم تكن «الدروس الخصوصية» قد وصلتنا بعد لأن كل مُعلم يؤدي واجبه على أكمل وجه.

المُعلم العتيج منهمك في إكمال المقررات التي عليه، لا يبرح تخصصه العلمي او الأدبي مسوقا للقيم والأخلاق في نفوس طلابه من خلال تخصصه وحصصه.

لعل من أبرز صفات «المُعلم العتيج» أنه مخلص لله عز وجل ثم وطنه ورسالته التربوية التعليمية خاصة أن من أبرز صفاته التقوى وهي التزام رباني في السر والعلن لبذل الجهد، ويضاف للتقوى الحلم والصبر والأناة والعدل بين طلبته وزملائه المعلمين، إضافة الى التواضع والرحمة والتسامح والحرص على مستقبل طلابه، وفاء بالعهد الذي قطعه على نفسه يوم امتهن مهنة التعليم والتدريس، وليكون القدوة والأنموذج الأمثل في مجال التعليم بالمظهر والمخبر والتخصص، فهو مُعلم ومتعلم في آن واحد.

إني وهبت حياتي الأجيالا

ورفعت شعري بينهم مشعالا

حسبي إذا باهى الرجال بفضلهم

أني بفضلي قد صنعت رجالا

ومضة: المُعلم العتيج كان أباً في المدرسة يمارس الأبوة الحقة حريصا على أولاده الطلبة متفقدا لأحوالهم وهو دائما المضحي الذي لا ينتظر شكرا أو ثناء من احد.

لقد مارست التعليم وأعتقد بعد تجربة بعض الوظائف أقول: التعليم ليس وظيفة أو مهنة بل رسالة لا تقف بحدود المنهج وإنما الى زرع القيم في حياة الطالب.

المُعلم العتيج لا يغريه العطاء، فلم يطالب بالعلاوات التشجيعية ولا غيرها وإنما أكمل رسالته حتى التقاعد، همه طلابه وتلاميذه فلا يغريه العطاء ولا يوقفه الجفاء!

آخر الكلام: المُعلم العتيج لم يستغل الطالب في الأمور الشخصية ولم يكلفه خارج درسه بشيء بعيدا عن المحاباة وما يعكر صفو الإنصاف والعدل!

بُعِثَ المُعلم في الأنام رسولا

فأنار أفئدةً وزان عقولا

ذاك المُعلمُ لستُ أنسى فضلَهُ

مادمتُ في قيد الحياة ظليلا

زبدة الحجي: المُعلم العتيج ليس سريع الانفعال ولا يعرف لغة التهديد والسخرية، موجها ومشجعا ومربيا (يعلم) طالبه ما فهم من دروس الحياة اضافة الى المنهج المقرر ولا ضرر ولا ضرار.

إن أسوأ صفة اليوم بالمعلم انه يمارس على طلابه وتلاميذه السخرية واحتقار طلابه.

فقط أعيب على «المُعلم العتيج» تحمله في السابق تسلط القيادات المدرسية والموجهين محافظا على وقاره وقدره بعيدا عن الأعمال الممتازة والعلاوات الاستثنائية والحوافز!

وتبقى الحقيقة: المُعلم الحقيقي هو الشخص الذي يجعلك لا تحتاج إليه تدريجيا!

وتذكروا: من يجرؤ على التدريس لا ينبغي عليه التوقف عن التعليم!

وكونوا متأكدين أن: المُعلم الموهوب اليوم مكلف، لكن المُعلم السيئ أكثر تكلفة.. تخلصوا منه!

وسنة جديدة كلها خير على شريحة المعلمين والطلاب وأولياء الأمور.. ونتائج طيبة على كل صعيد، ونأمل ونتمنى، بعد أن رأينا تدهور التعليم، أن تكون هناك نقلة نوعية للتعليم لأنه مستقبلنا ومستقبل أجيالنا والكويت، وفي أمان الله.

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد