آراء ومقالات المزيد

حدث | جدران صامتة - بقلم : فاطمة المزيعل

22/03/2019 12:30 ص
حدث | جدران صامتة - بقلم : فاطمة المزيعل
**

أحيانا قد لا تكون سيئا بمعنى الكلمة، بقدر ما تكون جاهلا لأسلوب الكلام ولفنه الصحيح، وفاقدا لاستراتيجية مهارة الاستماع، غير مدرك لأهميتها ومدى تأثيرها على علاقاتنا، من الجانب الحسي وخاصة العاطفي، سواء لنا أو لغيرنا، فهذا ما يميزنا كبشر، بتنوع اجتماعي أكثر من أي كائن آخر.

وقد يكون ذلك من خلال «وجهات نظرنا، تحاورنا، تشاورنا، نقاشنا، الأخذ والعطاء في تبادل أفكارنا وآرائنا، لومنا، توبيخنا، أو حتى عتابنا» أيا كان.

فإن لم تكن دقيقا في انتقائك لمفرداتك، وان لم تحرص على كلماتك وعباراتك، تتكاذب وتتغابى باندهاش مصطنع على غيرك، ولا تعيرهم أدنى اهتمام وتقدير.

ولم تضع اعتبارا بأن لكل منهم وجهة نظر ذاتية مختلفة عنك، وبالرغم من استخفافك بهم، والذي قد لا ترضاه أنت على نفسك، إلا انك في المقابل تتوقع العكس منهم!

فما المانع بأن تنصت لهم، مثلما تريدهم أنت على الدوام بأن ينصتوا لك، ولماذا لا يكون كلامك لينا، سلسا، متحضرا غير متحجر معهم؟ فغالبية البشر عاطفيون، وجدانيون، يعتمدون على العاطفة في أفكارههم وأفعالهم، وانت تعاملهم وكأنهم جدران صامتة، كأولئك الذين تقودهم قوانين عقولهم إلى الجلافة، لدرجة أنهم يشعرونك أحيانا بأنك تدين لهم بشيء كشخصك، ما جعلك تعتقد أن الكل مثلك!

فهذا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، لقد كان خير مثال في الكلم الطيب والحديث المهذب النبيل، يسمع لأصحابه وينصت لهم، وينظر إليهم باهتمام ولا يقاطعهم، يأخذ ويعطي معهم، يحترم آراءهم، يشعرهم بقيمتهم، ويطيب خواطرهم.

فليكن كلامك صريحا غير جارح ومريحا، ليكن واضحا وجميلا غير شائن ومهين، ليكن كالمرآة التي تعكس حقيقة داخلك، وتظهر ما في قلبك، لتتوازن عاطفيا وكلاميا وسلوكيا مع الآخرين.

فذلك وحده ما سيجعل كل من يسمعك ويتلقى كلامك، يشعر بالالتذاذ والراحة، وإن لم يتفق معك.

وبما أن هناك بعض العلاقات الاجتماعية وليست كلها طبعا مهمة في حياتنا، كونها تضفي طعما مميزا لها، فذلك يحتم علينا أن نحرص أولا وأخيرا على الأخذ والعطاء، والتعمق في فن حسن الاستماع، والتوسع بشكل جلي في عنان الحوار، لكسب ثقتهم، ومودتهم، ومحبتهم، فلقد كان عطاء بن أبى رباح وهو فقيه وعالم حديث يقول «ان الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له، كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد»، وبذلك سيزداد حجم رضانا وانسجامنا معهم.

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد