**

مع الجدل الذي يتكرر من آن لآخر حول الأخطاء الطبية وضحاياها وضرورة وضوح آلية التعامل معها لتفادي تكرارها والتعلم منها والحد من تداعياتها، ومن واقع خبراتي السابقة في العمل بمجال الجودة في القطاع الصحي وحضور برامج تدريبية في الولايات المتحدة الأميركية وفي بعض الدول الأوروبية، فإنه يجب التعامل مع الأخطاء الطبية من خلال آلية وإجراءات تبعث الثقة في نفوس المتضررين وتراعي شعورهم وآلامهم ولا بد أن تكون لدينا الخبرات المتخصصة لأنه من غير المقبول أن من يقرر الخطأ الطبي لا يعرف ما هو الخطأ الطبي ولا يتقن اللغة الإنجليزية ولا ينتمي للتخصص وبذلك لا يعرف المصطلحات الطبية، ومن غير المقبول أيضا أن تتدخل الاعتبارات غير الطبية المهنية في التعامل مع الأخطاء الطبية.

وبعيدا عن الجدل الصاخب فإنني أدعو إلى وجود إجراءات واضحة وشفافة للتعامل مع شكاوى الأخطاء الطبية وقد يكون آن الأوان لتحديد إدارة مستقلة بوزارة الصحة لتلقي شكاوى الأخطاء الطبية والتحقيق فيها بمهنية وشفافية وحيادية مع حفظ حق الدفاع المشروع للمشكو في حقه لأن الوضع الحالي للتعامل مع الأخطاء الطبية قد لا يوحي بالثقة لأسباب كثيرة، ولنتعلم من تجارب وخبرات الدول المتقدمة في احترام حقوق المرضى وسلامتهم وألا ندفن رؤوسنا في الرمال ونكرر الكلام المتكرر من أننا من أقل الدول في الأخطاء الطبية لأن حل المشكلة يبدأ بالاعتراف بها أولا وليس بإنكارها ومن حق المريض أن يجد الإجابة على سؤاله حول مشكلة الأخطاء الطبية وكيفية التعامل معها ليطمئن ويثق فيمن سيقوم بالتحقيق فيها ورعايته وحفظ حقوقه، هذا إن كانت وزارة الصحة قادرة على حماية حقوق المرضى، ولكن إن لم تكن قادرة فلا بد أن تترك هذه المسؤولية إلى إدارة مستقلة بوزارة العدل وبعيدا عن ملعب وزارة الصحة وما تعانيه من مشاكل معقدة.

ولعله قد آن الأوان لإنشاء كيان مستقل ومحايد لضمان حقوق المرضى وسلامتهم وحمايتهم من الأخطاء الطبية لأن وزارة الصحة لا يجب أن تكون الخصم والحكم في نفس الوقت.

وإن ما نسمع عنه من إحصائيات عن قضايا الأخطاء الطبية وما تدفعه الوزارة من تعويضات بأحكام قضائية نهائية بسبب الأخطاء الطبية المرفقية أي التي تنتج عن أخطاء من المرفق الصحي وليست أخطاء شخصية من الأطباء يزعزع الثقة في إمكانية حيادية وزارة الصحة في التحقيق والفصل في الأخطاء الطبية ويحبذ ضرورة الإسراع في إنشاء جهاز مستقل لحماية حقوق المرضى والفصل في الأخطاء الطبية، لأنه من غير المعقول أو المقبول أن أي مريض يراجع الطبيب ويتوفى بسبب شكوى عابرة، ولا بد من وقفة صارمة للحد من تكرار الأخطاء الطبية التي باتت سببا للعديد من الضحايا وتعاسة أسرهم.

الأنباء