آراء ومقالات المزيد

حدث | دوائر افتراضية - بقلم : د. نادية القناعي

19/12/2018 01:12 ص
حدث | دوائر افتراضية - بقلم : د. نادية القناعي
**

أعتقد أن الكثير قد تمنوا أن يكونوا طيوراً في مرحلة طفولتهم، وذلك عندما كانوا يتطلعون إلى السماء ويشاهدون كيف للطير مطلق الحرية في اجتياز كل الحدود. وبصراحة إلى الآن لم أتخلص من تلك الأمنية، فإلى الآن أنظر إلى الأعلى وأغبط ذلك الطير الذي يحلق بعيداً. لا أدري إن كان هناك آخرون لا زالوا يشاركونني تلك الأمنية. أستحضرها الآن، لأن هناك من يمتلك أهدافاً وإبداعاً وأفكاراً، لكن يتغلغل الخوف في داخله لخوض التجربة، ويضع سيناريوهات عديدة لما يمكن أن يحدث، فيعدل عن تحقيق ما يهدف إليه ويدفن إبداعاته بنفسه ويظل حبيساً ليأسه المتكرر وندب الحظ العاثر الذي يزعم أن الظروف هي وحدها المسؤولة عن الحيلولة دون الوصول إلى ما يصبو إليه. كلنا قد سألنا أنفسنا يوماً لماذا أنا؟ لماذا هم؟ لماذا هو؟ لماذا هي؟ وتبقى الإجابة واحدة: إنه الحظ الذي صنع لهم الظرف الملائم.
 
كنت قد اعتقدت يوماً أن وحدها الظروف قد تصنعنا. عندما تأملت حولي وجدت أن الكثير لديهم الظروف الملائمة وبالوقت ذاته لم يصنعوا بها شيئاً! فقد تمر أمامهم الفرص ولكنهم يغضون الطرف عنها دون أدنى محاولة لاقتناصها. غالباً من يتعذر بالظروف إما أن يكون غير مستعد للمواجهة وإما أنه متوجس مما يمكن أن يواجهه. نظرة واحدة متأملة إلى السماء ستبين لنا كم نحن مجحفون في حق أنفسنا. صحيح أن أمنية الطفولة ما زالت تتردد في ذهني، ولكن الذي اختلف الآن هو أنني أيقنت أننا نستطيع اقتباس فكرة تحليق الطيور في حياتنا على الأرض وذلك من خلال مسح الدوائر الافتراضية التي رسمناها حول أنفسنا، والكف عن الفزع في حال الخروج منها. هنا أذكر عبارة وردت في قصة «القط السعيد» للكاتب عزيز نيسين: «إن البشر إذا لم يحسنوا التصرف فإنهم يتمنون سعادة القطط في قدرتها على الانطلاق».

Naalqenaei@gmail.com

القبس

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد