آراء ومقالات المزيد

حدث | زوال النعمة! - بقلم : يوسف عبدالرحمن

20/05/2018 12:36 ص
حدث | زوال النعمة! - بقلم : يوسف عبدالرحمن
**

y.abdul@alanba.com.kw

كانت جدتي أم أمي تشيل أي كسرة خبز أو نعمة من الطريق، إما أن تمسحها وتأكلها أو تفتّها للطيور قائلة: النعمة زوالة يا أمك.

وتربيت وأنا أعمل نفس الحركة وعلى منوالها أسير، وعلمت أولادي وأحاول أن أزرع هذا في أحفادي، ويعجبني في هذا الأمر الأخ البروفيسور (بوشميس) الذي أراه اليوم يقوم بحملة لحماية (النمل) من السحق أو الرش بالمبيدات وهو في (شغل شاغل) تراه هنا وهناك في المسجد يجمع النمل ليرميها خارج المسجد ليأتي البنغال للصلاة مخلفين وراءهم عشرات من النمل الميت المسحوق؟

وتبقى المقولة دائما: احذروا زوال النعم؟

قدوتنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في يوم وقف يسأل ربه ويدعو، فماذا قال؟ وماذا طلب؟ هل سأل من أغراض الدنيا؟ لنقف على دعائه صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وفجاءة نقمتك وتحول عافيتك وجميع سخطك» رواه مسلم.

يقول الشاعر:

رب قوم قد غدوا في نعمة

زمنا والدهر ريان غدق

سكت الدهر زمانا عنهم

ثم أبكاهم دما حين نطق

في رمضان وأنتم ترون حجم النعمة في (سفرتكم) هلا تذكرتم إخوانكم في مجاعات أفريقيا واليمن وبعض أقليات آسيا، أنا شخصيا أعرف وأعلم علم اليقين ما يقدمه الكويتي من خير، وعسى الله سبحانه أن يزيده من خيره ونعيمه وإنما كلماتي هذه لبعض الميسورين وأيضا الطبقة المتوسطة للإخوة الوافدين الذين يملكون بعض المال الزائد عن حاجاتهم ويدخل في التوفير، هل فكرت بآخرتك؟

تذكر فجاءة نقمة الله سبحانه وتعالى كيف تكون؟

ترى المصائب تأتي من غير ميعاد أو توقع أو استعداد، وأقص عليكم هذه القصة:

رجل عنده عشرة أولاد، وزوجته وهو ثاني عشرتهم، ذهب الأولاد وأمهم في سيارة يقودها الابن الأكبر لمناسبة لبعض أقاربهم، وبقي هو لأداء بعض الشواغل، في طريق عودتهم بعد أداء الواجب، راح يطمئن عليهم بالهاتف، حتى لم يبق إلا قليل على الوصول، فإذا بهم يحدث لهم حادث سير فيموتون جميعا (الأم والأولاد العشرة صغيرهم وكبيرهم)! فقدهم جميعا في لحظة واحدة.

كاد الرجل يجنّ.. يدخل البيت فإذا الألعاب مبعثرة في الصالة كما هي؛ لأن فلانا وفلانة اللذين كانا يلعبان بها ماتا.

يخرج إلى فناء البيت فإذا الدراجة على الأرض؛ لأن فلانا الذي كان يلعب بها مات.

حتى المطبخ يدخله فإذا بقايا الطعام الذي كانوا يأكلونه قبل السفر كما هي، فيجلس يشم فيه لعله يجد ريحهم.

الرجل صالح؟ نعم.. حافظ للقرآن؟ نعم.. ولكن، سبحان الله، إنهم إحدى عشرة نفسا، والرجل بشر.. إن النبي صلى الله عليه وسلم وضع بين يديه طفل يموت ونفسه تقعقع فبكى.. فكيف وهم عشرة أبناء وبنات وأمهم معهم؟ اللهم إنا نعوذ بك من فجاءة نقمتك.

كم من إنسان كان يعيش في أمن وسعادة، آمنا في سربه، معافى في بدنه، يغدق الله عليه النعم، يستره بيت وأولاده وعرضه، وفجأة انهدم البيت فصاروا جميعا في العراء.

وكم من إنسان كان صاحب مال وثروة يعيش في رغد، فجاءت جائحة فاجتاحت ماله، وأذهبت كل ما يملك، ولم يعد يجد ما ينفق به على أولاده، فانقلب عزه ذلا، وغناه فقرا، واحتاج أن يمد يده للخلق، أعطوه أو منعوه، نعوذ بالله من فجاءة نقمته.

إذن أسباب تحول النعم كثيرة فلا تكن أنت السبب؟

تذكروا هذه الآية: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير - الشورى: 30).

ومضة: بالشكر تدوم النعم!

كيف..؟ أنا أقول لكم كيف.

المسلم الفطن من يستغفر إذا أخطأ، ويعفو عند المقدرة ويحمد ربه على النعمة، ويحافظ عليها من الإسراف والهدر، وليعلم أنه ما من محنة إلا ويجعل الله فيها المنحة!

اصبر على المكاره، وانتظر الفرج، والثالثة الرضا بالقضاء والقدر وفي السراء والضراء، وتذكروا ايضا ان كل نعمة لا تشكر جديرة بالزوال، ولهذا كله لنكن دائما من الشاكرين الحامدين.

آخر الكلام: سألني الأخ بوشميس بالأمس عقب صلاة التراويح وكان هو مقدم أطباق فاكهة وأنا مقدم أطباق حلو وكان المنظر من (النعم) التي نأمل أن تدوم، فقلت للحضور الجالس أمام هذه الأطباق احمدوا الله كثيرا على هذه النعمة فهناك من اخوتنا لا يجد (كسرة خبز)!

وهنا أحب أن أذكر أحبابي القراء من أهم أسباب زوال النعم ما يلي:

- الكبر والغرور والطاووسية.

- نسب النعمة لغير الله تبارك وتعالى.

- المعاصي والذنوب والكبائر.

زبدة الحچي: أما أسباب دوام النعم فهي كثيرة أحاول اختصارها وهي:

- العمل الصالح.

- استعمال النعم فيما يرضي الله.

- الشكر لله عز وجل كمنعم.

- ترك الذنوب والمعاصي.

- يقول حسن البصري: إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء فإن لم يشكر قلبها عليهم عذابا.

اللهم احفظ الكويت وحكامها وشعبها، وأدم علينا نعمتك وأمنك، وسخر خيراتنا فيما يرضيك عنا يا رب العالمين، واجعل رفقاء طريقنا ودربنا العمل الصالح والرضا والصبر والتوكل والدعاء والتفاؤل وإن ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا الآخرة.

أحبابي رمضان كريم وهذه وصفتي (روشتة) لتجارة مع الله لن تبور مهما ضاقت الأمور.

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد