**

ناصر..ابني (الچعدة - آخر العنقود) وقد أسمته أمه «ناصر» على أبيها «ناصر العريفان» منذ عشر سنوات أدخلناه بيت القرآن في كيفان، فحفظ ما تيسر من القرآن ترتيلا وتجويدا وقد أطلقت عليه العائلة «شيخ ناصر». في يوم الجمعة استيقظت من النوم على جدال و«صيحة» وإذا بالعيال يتجادلون حول زوارة الجمعة، بعضهم يدعو للذهاب إلى الفيحاء بيت جدهم لأبيهم، والبعض الآخر يحثهم على الذهاب للجهرا بيت جدهم لأمهم، واحتدم النقاش، وارتفعت الأصوات، وأنا أتظاهر بالنوم لكنني كنت مصغيا لما يقولون، ومبسوطا، إلى أن انفجرت من الضحك واكتشفوا أني أتابع حوارهم الفطري العجيب، هذا الفريق يمتدح الزوارة بالفيحاء، والفريق الآخر يمتدح الزوارة بالجهرا، إلى أن أفحمهم «شيخ ناصر» بحجته ودليله بأن الزوارة في الجهرا «مقدسة»... قالوا له: كيف يا شيخ ناصر؟ أتضحك علينا وأنت أصغرنا؟! قال: واسمعوا الأقوى.. هل تعلمون أن «الجهرا» ذكرت في القرآن؟ تحدقت أبصارهم وتقهقهت حناجرهم وغضبوا ونهروه، واستغفروا ربهم. لكن شيخ ناصر تمادى في تحديهم وزاد النار اشتعالا.. فأقسم بربه أن «الجهرا» ذكرت بإحدى سور القرآن الكريم، عندها كادوا يضربونه لولا أن قفزت من فراشي واحتضنته، وقلت له: استغفر الله يا ابني لا تدخل كلام الله والدين في جدالكم. فكرر قوله وبإصرار وزاد على ذلك بأنها ذكرت أكثر من مرة في القرآن، هنا فقدت هدوئي وقبل أن أعاقبه على تطاوله على كلام ربي طلبت منه أن يحضر القرآن الكريم ويثبت لي ما قاله وادعاه، فقال لي: هل تحفظ «سورة الأعلى» قلت: نعم، وأقرأها كل يوم في صلاة الشفع والوتر.. فطلب مني سماعها فاستعذت بالله وبسملت. (سبح اسم ربك الأعلى، الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، والذي أخرج المرعى، فجعله غثاء أحوى، سنقرئك فلا تنسى، إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى) هنا قفز وقال أعد آخر آية، وإذا به يقصد الآية (...إنه يعلم «الجهر» وما يخفى) فتبسمت، وقبل أن أتكلم قال لي: كيف تسمعها من كل المقرئين أليس كما أسمعها أنا (إنه يعلم «الجهرا» وما يخفى)...ثم سألته: وأين الثانية. ضحك.. وقال يا أبتي إني أتناقش مع إخوتي فلا قبل لي بعلمك ومستواك الثقافي دعني وإياهم، قلت له: أبدا لن أتركك حتى تأتي بالثانية، ففتح المصحف الشريف على سورة النحل ص 275 وقال: اقرأ الآية 75 فقرأت (ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله...) وعندما وصلت عند كلمة «وجهرا» فهمت قصده وتبسمت.. بعدها استطاع أن يقنع إخوته بالذهاب للجهرا ظنا منهم أنه صادق في قوله وخصوصا بعدما سألوني: هل ما قاله ناصر صح؟ وهنا.. حتى لا أفسد عليه حيلته، ولا أسقط هيبته أمام إخوته جاوبتهم بالتالي: «ما» قال شيخ ناصر صح.. وأنا أقصد بـ «ما» النافية للصح. s.sbe@hotmail.com الأنباء