حدث | صلاحية غير منتهية - بقلم : د. غازي العتيبي
23/09/2018 12:12 ص
كاتب 1
**
بعد أن أمضى فترة العمل وأحيل للتقاعد، أصبح يرى الحياة من منظور آخر أكثر رتابة، فشعوره بأنه لا يوجد عمل والتزام يومي شكل مصدر خوف وقلق وتوتر، لم يأخذ الموضوع من منحى إيجابي، فحين تتقاعد لا يعني ذلك انها انتهت قدراتك بل على العكس، بدأت رحلتك الحقيقية مع ذاتك، فالتقاعد فترة ذهبية لصنع خيارات أكثر وضوحا، خالية من واجباتك ومسؤولياتك متفرغة لذاتك.
في مجتمعنا العربي حين يحيل أحدهم للتقاعد، تصيبه فترة إحباط، ويبدأ بالشعور بأنه لا دور له وذلك بسبب عدم استثمار خبراته، والاستغناء عن خدماته، فلو كل منظومة عقدت للمتقاعد لقاء شهريا يتم فيه استثمار الخبرات وتعليم الكوادر الجديدة لاستطعنا أن ننهض في أي مجال، لكن نظرة الإقصاء والاستغناء تجعل المتقاعد يسأل نفسه: لماذا؟ بعد كل هذه السنوات أعود لنقطة الصفر دون هدف.
نداء لكل مجالات المجتمع ومؤسسات العمل، المتقاعد طاقة وخبرة، ربط قدراته وإمكانياته بمرحلة عمرية أمر في غاية السلبية، فالمتقاعد ثروة حقيقية، ومعلومات وخبرات تناقلت طوال هذه السنين لتجمع منظومة رأي سديد.
التقاعد لا يعني انه ما عاد لك لزمة، بل يعني انه حان الوقت لتعيش، أي فرصة بحرية مطلقة، فلتكتشف ذاتك، وتمارس نشاطاتك، وتجعل حياتك غنية بالأهداف ذات منظور حي مليء بالشغف، فقدراتك ليس لها تاريخ صلاحية، بل هي صالحة لكل وقت وزمان ما دامت الرغبة نابعة من الأعماق، والعين ترى الجمال والقلب أخضر ورفراف، لا تستسلم للإحباط، ولا تكن خالي الأهداف، ارسم خطة لما بعد التقاعد، شارك أصدقاءك لقاءات أسبوعية، لا تجعل الأفكار السلبية تتمكن منك، فهي ذكية بشكل يجعلك تقتنع بأنه لا فائدة منك، اذا بدأت تتأثر وتنفعل دون ان تواجه نفسك وتنظم حياتك وتستوعب هذه المرحلة برحابة صدر.
أنت ثروة حقيقية جمعت كل قيمتها من مجال عملها، ذكر ذاتك بأنك تستحق الأفضل مثل الذهب كلما قدم زادت قيمته، مارس حقك في الاختيار دون ضغوط الواجبات، فكر بإيجابية واخرج من النظرة السوداوية، فمن يعمل يكون ضمن نطاق التزام، وأنت الآن حر، فخذ الأمور من جانب يعيد ترتيب حياتك وسياق يومك بشكل مثمر ومفيد ومتنوع.
يقول أحدهم: منذ أن تقاعدت، وأنا في البيت، قل خروجي، واستسلمت لمشاعر الحزن والاكتئاب، أفرغ انفعالاتي في العناد مع أم العيال، يا من تراني أزيح هذا الشيء من مكانه وأتدخل في أبسط الأمور، طبخة اليوم. أصبحت عصبيا كثيرا، وقد لاحظ من حولي ذلك، ما رأيك يا دكتور، بماذا تنصحني أنا، ومن هم، في مثل وضعي؟
تقبل الأمر، وعدم التوقف عن الطموح والمغامرة والإصرار وتجربة وشيء جديد عليك، يجعلك في تحد مع نفسك والزمان، والنتيجة أنت الربحان.
وأفضل نصيحة أقدمها هي: تحدي الذات، كسر المألوف، الانخراط في مجهود تحبه، وتتعلم كل يوم منه.
Dr_ghaziotaibi@
الأنباء
التعليقات
ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين
واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع