آراء ومقالات المزيد

حدث | عمالة السبع صنايع - بقلم : د. علي عبدالرحمن الحويل

19/08/2018 12:24 ص
حدث | عمالة السبع صنايع - بقلم : د. علي عبدالرحمن الحويل
**

اول مراجعة لي لمكتب حكومي بريطاني كانت لمكتب استخراج شهادات الميلاد في - Marlyboune High Street وهو مخصص لسكان منطقة غرب لندن W1 وأنا من سكانها - لاستخراج شهادة ميلاد لأول ابنائي، وبالرغم من قدم المبنى فقد كان في غاية النظافة، يقوم على تنظيفه ورعايته شخص واحد هو الحارس او janitor، وبالرغم من العدد الكبير من السكان الذين يقوم هذا المكتب بخدمتهم فقد كنت الوحيد امام الموظفة الوحيدة في المكتب وهي سيدة خمسينية أخذت تتلطف معي ونحن نتناقش حول افضل كتابة لاسم ابني بالانجليزية، لم اضطر للانتقال الى مكاتب او ادوار اخرى فالأمر كله لم يدم لأكثر من خمس عشرة دقيقة - منها وقت اختيار كتابة الاسم - أصدرت خلالها السيدة الوحيدة العاملة في المكتب شهادة الميلاد!

الأمر كان مختلفا تماما في الكويت فالمبنى يعج من الداخل والخارج بالمراجعين مغمورين في وسط مجاميع من العمال الهامشيين يختلفون فقط في لون لبسهم الموحد بين الأزرق والكاكي، بعضهم يمسح بقعة من الأرض هناك ويترك بقعا هنا وهناك وهو ينظر حوله في استكانة عجيبة يدعمها بنظرات استعطاف تؤثر حتى في اصحاب اشد القلوب غلظة فيمد الكل يده الى جيبه يتسابق والآخرون على اعطائه مما اعطاهم الله، وبعضهم الآخر يتنقل مع المهمين من المراجعين أو مندوبيهم وكل مستعد لدفع العشرة دنانير «تطييب خاطر» لشاه الدين عامل النقل المتنفذ نظير خدماته، وتلحظ افرادا منهم جالسين عند ابواب مكاتب المسؤولين في انتظار أوامرهم بصنع الشاي والقهوة وبالمقابل يحظى هو بحق الإذن للمراجعين بالدخول على المسؤول وتوجيههم الى الجهة المكملة للإجراءت عند خروجهم منه مقابل «مدة اليد» المتوقعة!

ثالثة الأثافي ان بعض المسؤولين لا يكتفي بهذا القدر من خدمات «عمال السبع صنايع» فيجلب معه ابرزهم لخدمة أسرته بعد الدوام فيجعله خادما او مساعدا للطباخ او حارسا للبناية او الشاليه او المزرعة فتزداد حظوته ويزداد نفوذه!

وتأخذ هذه الظاهرة السيئة - استخدام هذه العمالة خارج نطاق التعاقد - منحى خطيرا في بعض المؤسسات ذات الخصوصية كالمستشفيات فقد اصبحوا يشاركون في إعداد طعام المرضى بدلا من فنيي التغذية بل ولهم دور في اقسام التعقيم المركزي CSSD بدلا من فنيي التعقيم المشغولين في بيوتهم عن واجباتهم وفي تركيب بعض الأدوية التي يتقاعس فنيو الصيدلة عن خلطها، هذا وهم على ما هم عليه من وعي متدن بالنظافة الشخصية وظروف معيشية سيئة لا تسمح لهم بالعناية بها.

من المساوئ الخفية لوجود هذه العمالة الهامشية بهذه الأعداد الضخمة انها تسهم في تغيير التركيبة السكانية وتشكل عبئا مضافا واستنزافا لخدمات الدولة والبنية التحتية كما وتمثل عقود استئجارهم استيلاء سافرا على المال العام بدون وجه حق.

‏ dralialhuwail@yahoo.com

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد