حدث | غرن الطين - بقلم : فاطمة المزيعل
19/04/2019 12:38 ص
كاتب 1
**
أحيانا، يصبح التنازل شجاعة لا ضعفا أو خوفا أو هروبا منا، خاصة إذا كان هذا التنازل يتعلق بأشياء اعتقدنا انه من الصعب الاستغناء عنها، أو بأناس وأشخاص من شدة تعلقنا بهم، لم يخطر على بالنا أبدا، تهميشهم وتجاهلهم، أو الابتعاد عنهم.
ولكن فجأة تجد نفسك مجبرا على الانسحاب منهم، مغادرا دون الالتفات إليهم، فأحيانا وجودهم يعتبر خدعة إلى الماضي ترجعك، وبذلك الشعور البشع العارم بالنفور تذكرك، والذي كثيرا ما كان ينتابك آنذاك ويزعجك.
شعور اضطرك إلى تغيير شخصيتك، وتغيير البعض من قناعاتك.
ذلك التغيير الذي لابد أن يمسك في مرحلة ما من مراحل حياتك، بسبب بعض المواقف التي جعلتك حائرا، تائها، وكالملجم واقفا بين هذا وذاك، ضائعا بين تلك العوالم.
والتي قد ترى فيها أحيانا ما يبهرك وينفرك لوضاعة ثناياها!
عوالم لم تستنبط منها سوى فقدان ثقتك، واهتزاز شخصيتك، وكل ما يعيق شغفك وارتقائك.
نتنازل: لأنها أعادت لنا من جديد كل ما كنا نأمل ان ننساه وننسى تفاصيله ولا نذكره، من تقلبات أو ظروف جعلتنا ننكفئ على ذاتنا، وعلى رؤى دروبنا القديمة، التي أوليناها كل اهتماماتنا، دون ان ندركها او نعيها.
نتنازل: لأنها اجتاحت للأسف تلافيف أدمغتنا وأفكارنا، وجعلت الهشاشة النفسية وعميق الحساسية تتجذر فينا، والتي يفترض منا ان نتداركها لنصلحها ونعالجها لا العكس، كي لا نكون كما يقول المثل الشعبي: «نخرج من حفرة نقع في دحديرة».
كما لا ننسى أيضا تلك النفوس النقية، التي دائما ما تفرض علينا احترامها وتقديرها، نفوس راقية تفهمنا وتستوعبنا، وان استنبطت ما يدور في خلدنا وذهننا، إلا انها تستلهم كلامها بحذر معنا، متأنية في إصدار حكمها علينا، مراعية لروحنا الثكلى وقلبنا، ترفع معنوياتنا عاليا، كي لا نزدحم بنظرة الآخرين لنا، ونصبح خاويين من انفسنا، فهناك عبارة تقول «لن يتذكر الناس ما قلته لهم، لكنهم سيتذكرون كيف جعلتهم يشعرون». فأولئك يختلفون تماما عن أصحاب النظرة العميقة الصادرة عن عقلهم الفارغ، والتي يرمونها في مسامعنا بأسلوبهم الرخيص التافه.
وكما قال الثعالبي: فمن وثق بالله أغناه، ومن أحسن إلى خلقه نجاه، إن الدنيا لا تصفو لشارب، ولا تفي لصاحب، ولا تخلو من فتنة، ولا تخلى من محنة.
الأنباء
التعليقات
ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين
واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع