حدث | قراءات قرآنية وتدبرات فكرية - بقلم : شيخة العصفور
23/05/2019 12:08 ص
كاتب 1
**
يقول الحق تبارك وتعالى (فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى)، وتفسير الآية كما هو متعارف عليه بين الناس أن سيدنا آدم وأمنا حواء عليهما السلام عندما أكلا من الشجرة التي نهاهما الله عنها انكشفت عوراتهما فأخذا يسترانها بورق الجنة، وهذا التفسير خاطئ، لأن القرآن أرفع من أن يعطي خيالا فاضحا، ولأن آدم عليه السلام مكرم من قبل العزيز القدير وهو يقطن في جنة نعيم لقوله تعالى (إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى)، حيث يفسرها الشيخ محمد الشعراوي رحمه الله بتفسير جميل راق، فيقول رحمه الله إن أبانا آدم وأمنا حواء عندما أكلا من الشجرة التي نهى الله عنها (فبدت لهما سوآتهما) أي بدأ التغير الفسيولوجي في جسم أبينا آدم وأمنا حواء حيث انتقل من الكمال إلى نقصه، أي ان عملية الهضم والأيض أصبحت كأهل الدنيا بعدما كانا منزهين عن تلك الأمور، أما (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) فتعني أنهما أخذا يستران ما بدر منهما بورق الجنة، هذا والله أعلم، ولكن لايزال هناك الكثير من الحقائق الغائبة عن علماء التفسير ولا عجب في ذلك فهو لكل زمان ومكان، كما أنه يجب الاجتهاد في (ورق الجنة) فالله عز وجل لم يذكر أنه ورق الشجر وإنما اكتفى سبحانه وتعالى بقوله (من ورق الجنة)، كما أن للغة العربية جذورا كثيرة وتعبيرا إعجازيا في ترجمة معانيها.
والحكمة من بلوغ المراد هي عناية انتباه قارئي العزيز الى أن القرآن الكريم أبدا لا يخاطب عقل البشر بالخيال الفاضح وإنما بالعلم الراقي البالغ في إعجازه، فالسياق القرآني في سرد الأحداث مستقيم يرتقي بمخيلة القارئ.
ومثال آخر في القرآن الكريم، يقول الله عز وجل (قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين)، ففي الفكر السائد بين الناس في تفسير هذه الآية الكريمة أن الملكة بلقيس عندما رأت الصرح حسبته لجة أي ماء فكشفت عن ساقيها وإنها حيلة من سيدنا سليمان عليه السلام وهذا خطأ كبير، لأن ذلك يتعارض ما تم ذكره سلفا، وهل هذا التفسير يتفق مع السياق القرآني المستقيم في سرد الأحداث والقصص، بالطبع لا، والتفسير الصحيح هو أنها رأت صرحا ممردا أي صرحا عاليا جدا من قوارير أي زجاج (فكشفت عن ساقيها) أي اشتد بها هول المنظر وليس الكشف عن الساق، وذلك لأن العرب قديما كانوا يقولون «كشف الأمر عن ساقه» أي اشتد الهول وكما جاء في القرآن الكريم (والتفت الساق بالساق) أي اشتداد الهول على الميت.
@family_sciences
الأنباء
التعليقات
ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين
واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع