بمجرد ما بدأت التفكير بالحصول على رخصة قيادة مركبة سيرتفع حتماً حجم المسؤولية المطلوبة منك، ومعها لا بد أن تتعامل مع مواقف وأحداث يومية، يكون بطلها أنت ومركبتك والطريق، ولأنّ ذلك الطريق لا يحدد مستخدميه ولا ذنب له فيما يحدث فيه. فسيكون عليك أحياناً رؤية مشاهد غير مقبولة، متمثلة بعادات وأنماط سلوك سلبية تتعلق بقيادة المركبات، والتعامل مع عناصر المرور والطريق والمركبة، يقوم بها أشخاص امتهنوا رعونة الأداء، وفشلوا في بند الأخلاق. نعم، قيادة المركبات هي فن وذوق وأخلاق. ولكن تلك المهارة إن لم تظهر بثوب الأخلاق فهي ناقصة، فإن غابت الأخلاق منك ستكون ضيفاً غير مرحب به على الطريق!

 

إن الأخلاق منظومة متكاملة تصنع للسائق والطريق والمركبة، وحتى مرتادي الطريق، الأمان المنشود، فأنت لا تستطيع القيادة من دون منظومة أخلاق، فهي تجعل منك صادقاً مع نفسك، فلا تقود مركبتك من دون استعداد وتهيئة لنفسك قبل مركبتك، وتجعلك أميناً مع نفسك، فلا تقوم بالمخالفات حتى مع غياب الرقيب، وتصنع أيضاً منك إنساناً عفواً متسامحاً مع كل من يسيء لك في زحمة الطريق، صبوراً في التعامل مع أزمة الطريق وزحام ألسنة البشر أحياناً أخرى، وهي تجعل منك إنساناً كريماً عندما تفسح لغيرك الطريق ولا تزاحمه فيه. وفي كل قول وفعل هناك قيمة أخلاقية يستنير قائد المركبة بها، فتشكّل منظومته الأخلاقية التي يحتاجها ليكون قائداً بالفعل على الطريق. فالسائق الأكثر براعة هو من يشهد الطريق والبشر بحسن أخلاقه لا بمهارة أدائه، التي قد تشكّل خطراً على الطريق ونفسه. حصّن نفسك بالأخلاق قبل رخصة القيادة. كن رقيباً على نفسك!

 

لقد أصبحت الحوادث المرورية تشكّل هاجساً مقلقاً لأفراد المجتمع والمسؤولين على حد سواء، فهي من المشكلات التي تقوم على استنزاف الموارد البشرية والمادية من المجتمع، هذا بالإضافة إلى الانعكاسات السلبية على صعيد النواحي النفسية التي تصيب الأفراد. لذلك فالحاجة ملحّة اليوم إلى وجود منهاج تعليمي متكامل تحت عنوان «أخلاق القيادة في الطرقات»، حيث تعتبر الثقافة الأخلاقية المرورية من الأضلع المهمة في مبادئ السلامة المرورية التي تنتهجها أي دولة في العالم. ويمكن القول انّ منظومة الأخلاق المرورية بمفهومها الواسع هي منظومة فكرية منظّمة، تقوم على تعزيز الجوانب الحسّية والمعرفية والمهارية والمعنوية لدى الفرد، بهدف تهذيب أخلاقه على الطريق وتحسين قدرته على القيادة الإيجابية، وحسن التعامل مع عناصر المرور بشكل عام.