آراء ومقالات المزيد

حدث | كي ننجو برؤوسنا؟ - بقلم : د. نادية القناعي

25/04/2018 12:29 ص
حدث | كي ننجو برؤوسنا؟ - بقلم : د. نادية القناعي
نعلم أن للحقيقة أوجهاً عدة، فالزاوية التي تقف بها قد تختلف عن الزاوية التي يقف بها الآخر، لكن أن يُستخدم هذا الأمر في تدليس الحقائق سيؤدي إلى سقوطها على رؤوسنا فلا نحن كسبنا الحقيقة ولا نجونا برؤوسنا.

هناك الكثير من السفسطائيين الذين يستخدمون العبارة الآنفة الذكر لإثبات أوهامهم كأنهم يرددون المقطع الغنائي من كلمات بوب غيدلوف الذي يقول فيه: «عندما يقولون أحمر فهو أزرق». أو يأتي أحدهم ليقول الشمس تشرق من الغرب بذريعة أن للحقيقة أوجهاً عدة! تلك العبارة لا تُطبق على جميع الأمور في الحياة لأنها بذلك ستجعلنا نعيش في حالة تخبط، وهذا بالضبط ما نعيشه اليوم.
ليسأل كل واحد منا نفسه في هذه اللحظة: من أكون؟ لن يجيب عن هذا السؤال إلا من رحمه الله لأننا في كل مرة نقوم بتغيير وجه الحقيقة الذي هو براء من ضياع تفكيرنا بين حانة ومانة. هناك تجربة نفسية قديمة قام بها عالم النفس سلومون اش في خمسينات القرن الماضي، وسأسرد بشكل موجز هذه التجربة: رُسمت ثلاثة خطوط على اليمين بأطوال مختلفة وخط واحد على اليسار.. ثم بعدها تم سؤال الحضور أي من الخطوط التي على اليمين تطابق في طولها الخط المنفرد الذي على اليسار؟ كان أغلب الحضور قد اتُفق معهم مسبقاً على أن يجيبوا إجابة خاطئة وشخص واحد منهم- هو الخاضع للاختبار- لا يعلم عن ذلك الاتفاق، ففي البداية كان يجيب الإجابة الصحيحة لكن عندما أعيد الاختبار مرات عدة لوحظ أنه في بعض المرات قام بمجاراة الآخرين في إجابتهم الخاطئة! كانت نتيجة الدراسة أن ٧٦٪ من الناس الذين خضعوا للاختبار أنكروا قناعتهم على الأقل مرة واحدة خلال إعادتهم للاختبار.
هذه التجربة إذا قمنا بقياسها على الواقع بمواقف مختلفة سندرك حجم المصيبة التي تحيط بِنَا. فربما نسبة المجاراة الاجتماعية ستفوق الخيال وربما كذلك ستكون مجاراة مميتة. الخلاصة هي أن الحقيقة لا تقبل القسمة على عدد من الوجوه المشوهة.

Naalqenaei@gmail.com

القبس

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد