آراء ومقالات المزيد

حدث | ما عارضته مارسته! - بقلم : يوسف عبدالرحمن

18/09/2018 12:42 ص
حدث | ما عارضته مارسته! - بقلم : يوسف عبدالرحمن
**

y.abdul@alanba.com.kw

عنواني ليس لغزاً..

هذا بالضبط ما حصل معي في أول شبابي، يوم كنت متأثرا بالشعارات الثورية واليسار، وكانت «الحرية» تعني لي شيئا كثيرا، وكما قال الشاعر الفذ إيليا أبوماضي:

حر ومذهب كل حر مذهبي

ما كنت بالغاوي ولا المتعصب

نتوقف عند فيلسوف لبنان وشاعرها جبران خليل جبران القائل:

إذا رأيت عبدا نائما فلا توقظه، فلعله يحلم بالحرية!

أتذكر في منتصف الثمانينيات كنت كثير الاحتجاج على وجود «الرقيب» في «الأنباء» المرسل من وزارة الإعلام مثل الأخ الأستاذ يوسف الجلاهمة وأبو بدر ناصر الغريب، كانوا يحملون «دماثة الأخلاق» ولا يدخلون معنا في «جدل عقيم»، يحمله «شاب» في مقتبل عمره ثوري «مناكف» يرى أن «الحرية» ملكه وحده!

وكبرنا وشيّبتنا الحياة وصرت في «الصالة» التي «معترض» فيها على الرقيب أمارس نفس الدور، وكما نقول: العياب عند الباب!

اي والله.. إنه بالضبط كما أسطر لكم «أسمح وأمنع» يا الله.. إنه والله الابتلاء من رب العالمين كما «تدين تدان»، كنت تعارض «الرقابة» وتمارسها الآن؟

انه حساب الزمن «يعلّم ويهذب ويضرب» والشاطر في هذا الزمان الذي يعي انه ليس أبدا بغائب عن أقدار الله وقضائه!

اليوم مفهومي للحرية تغير من شعارات جوفاء الى ممارسات واقعية وفي حدود ألا تتعدى حريتك على الغير أبدا!

لنثق انه طالما هناك رجال أحرار في السؤال والجواب ويطرحون أفكارهم في حدود المسموح، فان الحرية «بابهم» ليقولوا دون «شخصانية» ما شاؤوا فهذا حقهم!

لسنا في مأمن اذا فرقنا «الحرية عن العدالة».. ولنكن متوازنين في حكمنا!

قالها سعد زغلول المصري:

إننا نحب الحرية.. ولكننا نحب أكثر منها أن تستعمل في موضعها..

يمكن لان «الحرية تعني المسؤولية» الناس تفزع منها؟

ومضة: تذكروا من مجرب في الحياة «عارض الرقيب والآن يمارس دوره»، ان ثمن الحرية هو اليقظة الدائمة!

إذا كان علينا أن نقول رأينا في «كل شيء ظالم»، يجب أن يكون هذا عبر القنوات الصحيحة للرأي، وأيضا بكل الأصول المتعارف عليها لممارسة الحرية!

وأنا أرى المشهد الآن أمامي لأنواع «المعارضات» المحلية والعربية، أتذكر قولا واحدا: إن وقوفي لحظة في قفص الاتهام وأنا بريء ينسيني ألف كتاب قرأته في الحرية!

يا ليت أحداً يسأل إخواننا ممن قادوا أو شاركوا في الحراك السياسي وسجنوا في سبيل ذلك عن شعورهم؟

آخر الكلام: للثائر المعاصر نيلسون مانديلا قول عجيب: الحرية لا يمكن أن تعطى على جرعات، فالمرء إما أن يكون حراً أو لا يكون حراً!

دعوة مني: أطلقوا كل الطيور التي في أقفاصكم رغم «الدلال» فإنها تتوق لحريتها أحسن من قصوركم وفللكم وبيوتكم وشققكم.. من يفعلها يحب الحرية!

زبدة الحچي: في «شبابي وثوريتي» كنت أهتم بالحرية المطلقة وكنت مستعدا لان أموت من أجلها، لكنني اليوم في «كهولتي» تحولت وأصبحت أهتم بالنظام والانضباط «بل الحرية»، لأنني شفت في الحروب والأحداث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.. باختصار الحرية هي نتاج النظام!

لست والله مع ميخائيل نعيمة القائل: الحرية أن تقول ما تشاء، ساعة ما تشاء!

يعجبني الفاروق رضي الله عنه القائل: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا).. رحمك الله ورضي عنك «أنموذج خالد» من القادة النبلاء.

يا الله.. الشاعر المتنبي سبق عصره وزمانه عندما قال:

ومن نكد الدنيا على الحر ان يرى

عدوا له ما من صداقته بدُّ

فيا ند الدنيا متى انت مقصر

على الحر متى لا يكون له ضدُّ

تبقى الحقيقة: لكل شيء في هذا العالم ثمنه، إلا الحياة والفكر والمبادئ والحرية ما لها ثمن!

ديننا الإسلامي تكفيه هذه الآية العظيمة للشعوب: (لا إكراه في الدين.. البقرة 256).

الحرية حلوة.. اللهم متعنا بحرياتنا في بلدنا ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا وطول لنا في عمر والدنا وعزوتنا وقائدنا.. فشعوب العالم كلها تحسدنا عليه واحفظ كويتنا.

فنحن شعب يحب الحرية ويمارسها وهي طريقنا إلى الحياة، فكم من شعب وإنسان مسلوب الحرية تطارده فرق زوار الفجر ومقصوم ظهره وانت في عافية وحرية.. أكثروا من الشكر فكلنا أحيانا «نمارس ما نعارضه» إنها الحياة فهل نتعظ يا أولي الألباب؟

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد