آراء ومقالات المزيد

حدث | من غشنا فليس منا - بقلم : د. غازي العتيبي

23/07/2018 12:57 ص
حدث | من غشنا فليس منا - بقلم : د. غازي العتيبي
**

واجهة أي بلد ونافذته على العالم هو التعليم، فهو المعرفة، القابلة للتطوير، والمستند الذي مهما كثرت أوراقه زاد حجم إيراده وأصبح نقطة تحول لأن الإنسان المتعلم هو المركب الذي سيبحر في الحياة، مستخرجا منها كل ثمين، فكيف ان كان بما تعلم سيعمل ويعلم.

انتشر هذه الأيام، وتصدر أعلى الترندات، خبر تزوير الشهادات العلمية، حيث يشغلون مناصبهم بدرجة وهمية، دفعوا مقابل لها.

الشهادات المزورة، ليست فقط ورقا مزيفا، بل أيضا، أثر من الفساد، يمتد جيلا بعد جيل، حتى نتعود عليه، وخطر يهددنا، فإن كان صاحبها دكتورا أرواح الناس أهدرها، وان كان وزيرا مصالح العالم عطلها، لأنه يفتقر لأبسط شيء، وهو العلم بالشيء، فما كان من ذلك النوع من الفساد إلا أن أحدث خللا في التركيبة الوطنية، فمن يزور شهادته، جنسيته، هو في البداية خان وطنه قبل نفسه.

تزوير شهادتك، يعني تزييف حياتك، حقيقتك، حتى وان شغلت أعلى المناصب، لن تكون عن نفسك راضيا، وواثق، ستعيش كالحرامي، الذي يتلفت يمينا وشمالا خوفا من أن يكشف أحد ما فعل، بث مثل هذه السموم بالمجتمع يقضي على القيم ويجعل المصلحة الشخصية تعمي ضمير العدل، وتلبسك ثياب الباطل، وتظل قابعا في أعذار وتبريرات ستجعل منك شخصا بلا حياء، ولا أخلاق. فكيف نستأمنك على مصلحة الوطن والمواطنين وأنت ضميرك نائم في العسل؟!

تترتب على الشهادات المزورة عدة سلبيات: أولها: استيلاء أولئك على المناصب العليا، وصولهم لها، دون رقيب، ولا حسيب، فمن غش ليس بعيدا عليه أن يسرق وينهب، ويظلم، فإن ضاعت الأخلاق والضوابط فقل على الدنيا السلام.

لابد من المحاسبة الفعلية، وليس الشكلية، لابد ان يخضع أولئك للعقاب ليكون رادعا ضد من تسول له نفسه أن يعتاش على خراب هذا البلد، فكلما كان المزور موجودا وحاضرا في صناعة القرار سيشكل نقطة خطر على البلد، فالجهل يورد الفساد، وسيصبح الوضع خذ وهات.

تزوير درجة علمية، لم تصل لها بجهدك وتعبك وتقلدك بها منصبا يعتبر سرقة، تعب غيرك ومكانه، سيفتح الباب للوافدين المزورين أن يشغلوا مناصب، فالفساد يجذب الفاسدين، وكثرتهم تغلب أي شجاعة.

ستتفكك بؤرة الإصلاح بوجود هؤلاء وسيختلط الحابل بالنابل سيضيع أهم أساس في المجتمع وهو الأخلاقيات، فمن زور علمه، يستطيع أن يزور حتى وطنيته، لابد من التشديد على أهمية التحقيق المستمر، وعدم التغاضي، أو التساهل، مع أي مخطئ، أين يذهب المواطن الصالح الذي قضى عمره يجتهد، ويثابر؟ وكيف سيستثمر طاقته، وسط هؤلاء المافيا، الذين أشبه بسوق سوداء، لا تخضع لقانون، ولا يردعها، أي ضوابط؟

أعداء البلد يعيشون بيننا، يزورن شهادات، وحقائق، وأيضا مواقف، يعتلون منبر القرار، وللأسف صوتهم يجر أصواتا من المصفقين، والمنتخبين، الذين وضعوهم في مكان ليس لهم، وجعلوا منهم قوة، بنيت على ابن عمي هو أولى، حتى لو كان مزورا.

٭ كلمة من القلب: لن ننسى دور وزير التربية، ووزير التعليم العالي د.حامد العازمي ووكيل وزارة، التعليم العالي د.صبيح المخيزيم، نشد على أيديكم، وعلى جهودكم، الواضحة، في التصدي للفساد، ولا ننسى أيضا د.أحمد رشيد المطيري، رئيس المكتب الثقافي بالقاهرة: لكم منا كل الشكر أنتم ومن حذا حذوكم، على مواقفكم البطولية، فأنتم ضوء الحقيقة، الذي انتشر في سراديب الظلمة، حاملا معه مصلحة الوطن، حتى سلط الضوء على من أخلوا بقوانينه، لينضبط من ليس له ضابط، ويرتدع من تسول له نفسه اللعب بأنظمة البلد، فكشف الحقيقة، كإشراق شمس جديدة. في وجه الفساد، أول الخير اعتراف بوجود مثل هؤلاء.

Twitter @Dr_ghaziotaibi

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد