حدث | منظمة خليجية جديدة ونظام إقليمي موسع - بقلم : عادل المطيري
19/07/2019 12:27 ص
كاتب 1
**
عندما نناقش قضايانا الأمنية والسياسية المصيرية، لابد من إبعاد أي رابطة عاطفية لنا بأشخاص معينين أو مؤسسات محددة، تمنعنا من إحداث تغيرات مهمة لمجابهة تحديات جديدة تهدد أمننا القومي.
الحال ينطبق على منظمة إقليمية ارتبطت في ذاكرة الخليجيين بأحداث جميلة وأشخاص رائعين، وأقصد مجلس التعاون لدول الخليج العربية. فلم يعد مجلس التعاون وآليات عمله تجدي نفعا مع التطورات الجديدة، كالأزمات البينية «الأزمة الخليجية»، أو المتطلبات الأمنية في مجابهة النفوذ الإيراني، أو قضايا الإرهاب. فالحالات الثلاث السابقة جميعها استدعت تدخلا دوليا فاقم من المشكلات، واستنزف الموارد، وعلق الحلول لمزيد من الاستغلال!
الأمر الثاني: يجب أن نعترف بأن سياساتنا الأمنية الخليجية القائمة على تكديس الأسلحة لم تغير شيئا في ميزان القوى الإقليمي، وأن تحالفاتنا العــسكرية مكلفة وغير مجدية كما اتضح مـــؤخرا.
أضف إلى ذلك فشل المشروعات العربية بعد تقاسم إيران جزءا مهما من الدول العربية كسورية والعراق وغيرهما، فأصبح لزاما إيجاد مشروع إقليمي آخر، وليس بالضرورة منافسا مع المشروع الإيراني، بل مشروع مشترك يرتكز على الاحترام المتبادل، وحل النزاعات بالطرق السلمية والحوار من أجل تحقيق الأمن والسلام والرفاهية للجميع.
نظرة خاطفة إلى القارة الأوروبية، مهد المنظمات الإقليمية والتحالفات المعاصرة، فسنجد ان هناك منظمة كمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية 1975، والتي تشمل 56 دولة أوروبية، وتهدف الى التنسيق الأمني، وحل النزاعات الأوروبية، ودعم الديموقراطية في أوروبا الشرقية، وهي منظمة إقليمية سياسية وليست حلفا عسكريا، كمنظمة حلف شمال الأطلسي الناتو، الذي أنشئ عام 1949 لغرض دفاعي فقط.
وهنا يجب أن نفرق بين التحالفات العسكرية والمنظمات الإقليمية، فليس من الضروري أن تكون كل المنظمات الإقليمية أحلافا عسكرية.
وفي أوروبـــا أيضــا قد نجد منظمتين إقليميتين قـــد يتشابكان في بعض الصلاحيات، ولكـــن نجد احداهما يغلب عليها الطابع السياسي والاقتصادي كالاتحاد الأوروبي 1992 مقارنة بالطابع العسكري الصرف كحلف الناتو 1949، مع ملاحظة أن أعضاء الاتحاد الأوروبي (28) ليسوا بالضرورة أعضاء بالناتو (29)، فالأخير يشمل دولا غير أوروبية أصلا كالولايات المتحدة وكندا وأعضــاء منظمة التعاون الأوروبــي ليسوا جميـعهم أعضاء بالاتحاد الأوروبـي.
إذن، هناك شبكة من العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية والدفاعية تديرها منظمات إقليمية أوروبية متعددة، تهدف جميعها لإحلال السلام والأمن والازدهار لشعوب القارة الأوروبية.
ختاما، نحن بأمس الحاجة إلى منظمة إقليمية خليجية، تضم دول مجلس التعاون زائد إيران والعراق واليمن على غرار منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، يتم من خلالها التنسيق الســياسي والأمني لخفض التوترات وحل الأزمات التي تنشأ، وربما نصل إلى تعاون اقتـــصادي مثمر، بدلا من الصراعات المزمـــنة التي كلفت الجميع خسائر مادية وبشرية كثيرة.
الخلاصة: بوجود المنظمة الإقليمية المقترحة أو بدونها، مجلس التعاون الخليجي بحاجة إلى تطوير آليات اتخاذ القرار وفض النزاعات، بالإضافة إلى إعطاء كبار الموظفين فيه صلاحيات أقوى من وزراء الدول الأعضاء، وإلا أصبح منظمة صورية لا تنفع.
الأنباء
التعليقات
ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين
واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع