آراء ومقالات المزيد

حدث | نجمة الأُنْسِ - بقلم : د. سعود محمد العصفور

12/12/2019 12:42 ص
حدث | نجمة الأُنْسِ - بقلم : د. سعود محمد العصفور
**

فارقة في جو السماء، لا يحيطك الضياء اتساعاً، سابحة في فلك الأفلاك، تختالين غير آبهة بمثيلاتك الأصيلات، نجيمات ينثرن حولك خيوط الوفاء، وأخريات يؤلفن حولك هلاميات السرور، يفترشن الليل خمراً، ثم يغططن في نوم وسائده تقطعت لكثرة التائهين والنائحين.. صوت السكون كالهدير يقدم من بعيد، تهتز لقدومه مسامات الجلود، وتتحرك لسريانه مباسم الشفاه، حتى الجفون حركتها أهدابها بذبذات تتابعن همساً، وأنت يا نجمة سابحة..

لين القلوب غار من حسنك يا نجمة الأنس، الكل في سهر وكدر، إلاكِ يا نجمة الأنس، في مسارك هتف السائرون، وغدت أيامهمُ فرحة، وتسابقت أحلامهمُ رِفْعَة، وجلسوا على قارعة اعتَدْتِ مرورها، وافترشوا الأرض ربيعاً عَلَّهُمُ يفوزون بنظرة منك يا نجمة.. فباتوا ولم ينالوا خيراً، فقد تغيّرت الطريق لكثرة الأوحال، واختلاط الأنفس، وعلو صيحات النشاز.

جود اليوم لا ينفع يا نجمة، فالبطون أبداً لا تشبع، ووجوه الكالحين تترى، ومن كلامهم ما يُحْمَدُ ويُفْرَى، الصدق بات منقصة، والمدح كثير أن يُحصى، والهذر والحذر قد تساويا، في قوم لا ينفكون أسرى، أفكارهم غدت مسارحهم، وسفرهم أضحى مقدمهم، قد حلوا ثم ارتحلوا، وارتحلوا حيثما حلوا، وأنت ترقبين تحسن أحوالهم، فتعس الانتظار يا نجمة، الكل سارح في يومه وأمسه، والغد المؤمل قد أمسى قبل ليل أنت فيه نجمة.

أسهدتِ ليلي يا نجمة، وقصدتُ تتبعك بينهم، فوجدت جمالاً لا يوصف، وصدق قلب لا يُدَرك، سكنتِ قلبي، وتسلقتِ فكري، فلا أنفك منك خياراً، ولا أروم بديلاً ولا تذكاراً، فالذكرى تعصف أخباري، فقد أضحيتِ أنتِ كل أخباري، فكراً، وجسداً، واختياراً. بك يا نجمة أفرح، والليل منك أَصْبَح، لكنني عليك الشفيق، في دنيا لا ينفع فيها إلا الصديق الرفيق، فيا غلاء مهري يا نجمة، ليس يقاس بالمال، يقاس إذا ما عزَّ المال، في كون أضحى وأمسى فيه الصائحون ينعمون بذل السؤال.

النجوم كلها انكدرت يا نجمة الأنس، والكل متربص بك يا نجمة، لا عليك، حتى أنا قد أغادر كونك، سئمتُ من صراخهم، سئمتُ قربهم، سئمت نفاقهم ووفاقهم، بت على يقين أن في اختلافهم رحمة، وأن في اتفاقهم نقمة ومذمة. Volume 0%

رجوتك يا نجمة نسرح في كون لا يفضح، في عمر نرجو أن يمتد لنرى نجوم الأمس قد انكدرت، ونجوم اليوم قد سَطَعَتْ، ونحن في كون أُنسٍ لا مسرح، هيا نسطر للتاريخ رواية من أحبَّ وَعَفَّ وكَتَمَ، واختار حباً وهيماناً، وعشقاً لا يبرح، فدموع العشق يا نجمة أجمله، والعيش يطيب آخره، بنا يا نجمة نعيم اليوم والأمس والغد، في كل وقت نسعده.

dr.al.asfour@hotmail.co.uk

القبس

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد