**

كان عرض التلفزيون سابقا بالأبيض والأسود وكذلك كانت عروض السينما، بل إن عروض الحياة بأكملها بالأبيض والأسود وبدون ألوان، ومهما كانت المظاهر بالأبيض والأسود فإن السابقين مازال لديهم الحنين والولاء لعقود الأبيض والأسود بما ترمز لهم من ذكريات في البيت وفي العمل وفي الثقافة.

إلا أن التطور المتسارع في تقنيات الألوان وسرعة وتيرة الحياة ومتطلباتها قد جعلت الأبيض والأسود من الماضي لا يستهوي الكثيرين ولا يلتفتون إليه ويلجأون إلى الألوان لأنها تضيف البهجة عليهم. ويبقى السؤال: هل نترك الأبيض والأسود ولا نستفيد من استخلاص الدروس من مراحله المختلفة أو أن نعتبر الأبيض والأسود مراحل تاريخية اندثرت أو أن نبحث بينها عن بريق نستفيد منه؟

إن كانت هذه الحياة فماذا عن إدارة المرافق والمؤسسات وهل نتجه كليا إلى إدارة عصرية أو أن نكتفي بإدارة مراحل الأبيض والأسود عندما كانت الإدارة على جميع المستويات لا تعرف التطوير أو التدريب أو الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة أو وجود الرؤية والإبداع والعمل بروح الفريق الواحد بعيدا عن الشخصانية مع الاستفادة من ثورة المعلومات لدعم اتخاذ القرار الحكيم والصائب؟

ولكن وسط هذا كله مازالت بعض القرارات والأساليب في الإدارة تعطي انطباعا بأننا مازلنا في عقود الأبيض والأسود دون تلوين أو فنون أو إبداع حيث لا يجب اتخاذ القرارات بمنطق الأبيض والأسود دون إدراك أن عجلة الزمن والتطور تدور وتتقدم سريعا وخاصة في مجالات متعددة مثل الصحة والتعليم ويجب أن تكون القرارات من منطلق رؤية واعية متطورة وليست قديمة بطراز الأبيض والأسود دون تطوير أو تحديث.

وإن لم يكن هناك تحديث للإدارة في التعليم والصحة كأولوية تنموية وكالتزام فإن الإدارة بالأبيض والأسود ستسود في مناخ داعم للهبوط بالباراشوت على المواقع القيادية بمستوياتها المختلفة دون أدنى تدريب على الهبوط الآمن للجميع مما يؤدي إلى عرقلة التنمية والهدر في الموارد المالية. وبينما يتحدث الكثيرون الآن عن الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية والإدارة الذكية فإننا ما زلنا نرى من هم يصرون على التمسك بالأبيض والأسود دون تطوير أو تنمية ويجب أن يختفي ذلك تدريجيا لنواكب المستجدات العالمية ولتحقيق التنمية الشاملة على جميع المستويات.

الأنباء