**

يبدو لي أن الأمة العربية على امتداد حدودها من الخليج إلى المحيط تحتاج إلى بخور طيب ورقية شرعية للتخلص مما أصابها خلال السنوات القليلة الماضية وأدى إلى ما نعيشه الآن من تمزق وتفكك وصراع تراه العين على امتداد الخريطة، وتختلف إخفاقات ما نراه سواء كانت إخفاقات اقتصادية أو سياسية أو تعليمية أو إخفاقات في هياكل ومقومات استقرار الدول ووحدة أراضيها.

ومنذ عدة عقود كان جميع أبناء أمة العرب تجمعهم وحدة الهدف، بل إن الفن العربي كان ينطلق من أي دولة عربية ثم يتردد صداه بجميع اللهجات العربية في باقي الدول وكان المدرس الغربي يقوم برسالته في أي بلد عربي وكأنه في مهمة تاريخية.

وكانت المصايف العربية تزدحم بمواطنين عرب من مختلف الأقطار وكان الاستماع إلى حفلات أم كلثوم وفيروز ووديع الصافي والطرب الجميل في كل بيت عربي مع إعجاب المستمعين وكم استقبلت سينما الأندلس في حفلاتها عمالقة الفن العربي وما زالت تسجيلاتها بالأبيض والأسود شاهدا على تلك الوصفة السحرية للعلاقات العربية، وكان التضامن العربي بعد حرب 1967 خير دواء وبلسم للجيوش والشعوب العربية في خطوط المواجهة.

وبعد مرور تلك السنوات يجب أن نفكر جيدا في حملة تبخير شاملة للوطن العربي والرقية الشرعية لطرد السحر والجان وأولها الأسود الذي جعلنا نصل إلى ما نحن عليه الآن من تمزق وتفكك يعرف مداه من عاشوا وهتفوا بالمدارس والجامعات بهتاف «تحيا الأمة العربية» ولم يدر في خلدهم يوما أن دولة عربية تخترق حدود دولة شقيقة أو أن تحالفات مع مجموعات خارج المظلة العربية أو الخريف العربي هي جواز المرور إلى مواقف دولية جديدة ضاعت فيها القيم والروابط التاريخية واختفت أمام المواقف اللاأخلاقية.

وما زال الأمل كبيرا بحملة بخور طيب وقراءة من المخلصين وما أكثرهم في أرضنا العربية التي تغنّى بها الشعراء والأدباء وهي أرض الحضارات والأديان السماوية لنردد معاً «تحيا الأمة العربية» عندما تعود أمة عربية واحدة ذات هدف واحد كما كانت سابقا لأن في الاتحاد قوة وعزة.

الأنباء