آراء ومقالات المزيد

حدث | بين «بريكس» و«بريكست».. تجدد التحدي على قيادة العالم - بقلم : محمد بسام الحسيني

20/09/2021 10:30 م
حدث | بين «بريكس» و«بريكست».. تجدد التحدي على قيادة العالم - بقلم : محمد بسام الحسيني
**

m.husseiny@alanba.com.kw

في حزيران (يونيو) 2009، كانت أميركا ـ أوباما غارقة في واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها.

كان العملاق حينها مصاباً بجروح خطيرة، وشكّل انشغاله بآلامه ـ على طريقة الأفلام الهوليوودية ـ فرصة لبعض خصومه حتى يتكتلوا ويعلنوا التحدي بمواجهة قيادته السياسية ـ الاقتصادية للعالم والممتدة منذ الحرب العالمية الثانية، كانت البداية من باب الاقتصاد، وعبر إطلاق تكتل بريكس (البرازيل ـ الهند ـ الصين ـ روسيا وانضمت إليه لاحقا جنوب أفريقيا).

التكتل الطموح حمل في طياته كل الإمكانات التي تؤهله للمهمة: نمو اقتصادي هائل، ثروات طبيعية، رأسمال بشري وطابع يساري بوجود مانموهان سينغ على رأس الحكومة الهندية، و«لولا» في قيادة البرازيل.

بالطبع، لم تشعر أميركا بالارتياح ولم تمض سنوات قليلة حتى أُسقطت حكومة سينغ في الهند، وصعود اليمين مجددا إلى رأس السلطة في البرازيل، وزُج بـ «لولا» في السجن، ما أدى إلى تموضع جديد للهند والبرازيل، إلى جانب الولايات المتحدة، وضُرب التكتل الناشئ.

الجبهة الأخرى التي أثير التساؤل حول غاياتها هي الاتحاد الأوروبي ما بعد اتفاقية «ماستريخت» 1992 والذي صعد نجمه أيضا كاتحاد كونفيدرالي قادر على مشاركة «الندّ للندّ» مع الولايات المتحدة في القيادة العالمية، مع عملة وإمكانيات واعدة.

وانعكس هذا الصعود فتورا في حلف «الناتو» وبداية لمشاكل ظلت أشبه بالجمر تحت الرماد، مع حصول استحقاقات أهمها حروب البلقان وأفغانستان والعراق (بعد أحداث 11 سبتمبر)، لكنها عادت لتُطرح مجددا اليوم ومن بوابة اقتصادية أيضا تخفي خلفها واقعا سياسيا ـ عسكريا ـ أمنيا، بعد ان اختارت بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.

شكّل «البريكست» ضربة لفكرة تعود جذورها إلى الفيلسوف الفرنسي فيكتور هوغو قبل أكثر من قرن ولكبار المفكرين الذين يجمعهم الحنين لتوحيد القارة العجوز، خاصة في ركني الاتحاد الرئيسيين فرنسا وألمانيا.

فرنسا اليوم تجد نفسها في أجواء لا تختلف عن أجواء انسحاب الجنرال ديغول من اللجنة الأمنية لـ «الناتو» عام 1959، فقد تلقت ضربة قاسية من أميركا بإلغاء صفقة غواصات «الأوكوس» مع أستراليا حيث استبدلتها الأخيرة بشكل مفاجئ بغواصات أميركية.

وهذه الخطوة تلي خسائر «البريكست» وآثارها على الاتحاد وتشكل بالإخراج الذي شهدته إحراجا لفرنسا التي لا تتحمل ضربة كهذه لصناعاتها العسكرية، وخاصة أنها الخارجة من خيبة فشل علمائها في التوصل إلى لقاح ضد «كورونا» بعدما كانت في مرحلة من المراحل أيقونة العلوم والطب في العالم.

كل ذلك يدور حولنا، والصين تتابع، وفي الوقت ذاته تحمل صفة «العملاق القادم» الذي يملك إمكانات القيادة، وبالتالي سيكون حتما عنوان المواجهة الحتمية بين أميركا و«الشيوعية الجديدة»، بعد استقرار تشكيل جبهات عالمية مختلفة في عالم يتجدد ببطء.

أميركا تستمر في إدارة الواقع العالمي كطرف أقوى تصعب هزيمته ومعاندته. المعارك قادمة إذن، ويبقى أن نرى ما إذا كانت السنوات والعقود الآتية «باردة» أم «حامية»!

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد