آراء ومقالات المزيد

حدث | تخرج ناضجاً! - بقلم : فاطمة المزيعل

24/05/2022 12:29 ص
حدث | تخرج ناضجاً! -  بقلم : فاطمة المزيعل
**

تمر عليك السنون والأيام لتكتشف بعدها أن النضج الحقيقي هو نضج العقل لا العمر، فالعمر هو تعداد لأيامك فقط، تمر عليك المشاكل والصعاب لتكتشف أن النضج الحقيقي هو أن تودع كل الأشياء التي تزعجك وتؤلمك وتؤذيك في هذه الحياة، وبألا تلتفت للوراء أبدا وأن تدرك أن معظم الأشياء لا تستحق ردة فعل منك، تمر عليك الكثير من المواقف والظروف لتكتشف أن التخلي عن الملامة والعتاب هو الحل الأمثل لك ولراحتك، والتسامح والتجاهل وحده من سيساعدك على خفض سقف توقعاتك في الآخرين.

وحين تخفض من سقف توقعاتك بالآخرين ستودعهم بقلب خال من الضغينة والغل والكراهية، ولن تجعل العواطف تتلاعب وتتحكم بك، سواء في توجهاتك أو ميولك، وستبتعد حينها بل ستنسى الغضب والكره وفكرة الرغبة بالانتقام، كونك نضجت بما يكفي، وحين ننضج نحن بما يكفي ستتغير نظرتنا لكل شيء، وربما بمقدار 180 درجة، هذا حين يكون نضجنا حقيقيا بالفعل! فلا علاقة للأيام بالنضج، نحن ننضج أحيانا بمرور الأشخاص وهذا صحيح جدا، فكلما مر بحياتنا إنسان ترك في داخلنا جزءا منه، ضخ في قلوبنا شيئا من تجربته وحكمته وما منحته الحياة من تجارب، مرور شخص ما بحياتنا يجعلنا وكأننا عشنا أو أضفنا إلى أعمارنا عمرا آخر وإلى حياتنا حياة أخرى، وبالتأكيد فليس كل شخص يعبر حياتنا ينطبق عليه ذلك أو يترك فينا هذا الأثر، فهناك أناس ممتلئون بالتجربة والحكمة والعطاء، أناس حقيقيون وغير أنانيين، بإمكانهم أن يمنحوا قيمة رائعة لا تنسى للحياة وللآخرين! نعم التجارب تنضجنا بلا شك، ولكن نرجع ونكرر من صميم الواقع بأن العمر ليس مقياسا للنضج في الكثير من الأحيان، فقد تمر على المرء أحداث صعبة أو تضعه الحياة أمام محكات صعبة ومسؤوليات جسيمة، ما يجعله ينضج في وقت مبكر، ويصبح أكبر من عمره بكثير، في حين أن أشخاصا آخرين يتجاوزون عمر النضج، لكنك تراهم مليئين بالتفاهة والحماقة بحيث لا تفكر حتى في أن تتحدث إليهم! لذلك على أصحاب التجارب الذين أنضجتهم الحياة باكرا جدا، ألا يبخلوا أبدا بوضع تجاربهم في متناول من يحبون من الأشخاص قدر استطاعتهم، فذلك يعينهم على النضج، والنضج يساعدهم على توجيه دفة حياتهم بشكل صحيح، متسلحين بالوعي ومتحكمين في مشاعرهم وعواطفهم، ولكي يمنحوا من يحبون أيضا فرصة تحمل المسؤولية باكرا، فرصة المشاركة في اتخاذ القرارات، فرص السفر والتنقل، فرصة الاعتماد على النفس، فرصة القيام بواجباتهم خير قيام، فرصة المثابرة والجهد والمواصلة والاستمرار، وفرصة الشعور بأن الحياة ليست دائما فعل أخذ، لكنها فعل عطاء أكثر.

وكيف يمكنهم أن يعانوا ويفكروا ويشعروا بتقلبات الحياة ومصاعبها، فالحياة لا تعبر بالسنوات فقط، بل تعبر من خلال الناس والتجارب والمواقف والظروف.

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد