آراء ومقالات المزيد

حدث | رمضان بالديرة أحلى - بقلم : مشاري المطيري

23/03/2023 12:40 ص
حدث | رمضان بالديرة أحلى - بقلم : مشاري المطيري
**

بدأت أيام شهر الخير والبركة التي ننشغل فيها بذكر الله، وتسكن فيها البركة بيوتنا، وإلى جانب الفضائل الدينية لشهر رمضان المبارك والشعائر التي تقام فيه، يأتي لنا أيضا بذكرياته معنا، وكيف كنا نحتفل به، ونعيد معه أحياء عاداتنا التراثية الجميلة التي كانت تجمع بين أهل الكويت، كبارا وصغارا، وبالرغم من جمال عاداتنا التراثية للاحتفال بالشهر الفضيل إلا أن البعض منها أوشك على الاندثار، بالحد الذي يجعلني أخشى أن تختفي عاداتنا التي ورثناها من أجدادنا وآبائنا خلال السنوات القادمة، فلا يعرفها أبناء الجيل الجديد، وتصبح لديهم مجرد جزء من تاريخ تراثي فقط، يقرأون عنه في كتب التراث فقط، ويضيع جزء من هويتنا التراثية.

أتذكر جيدا قوة العلاقات التي كانت تربط بين الأسر والجيران قديما خاصة خلال شهر رمضان المبارك، فنجدهم يحرصون على زيارة بعضهم البعض لتقديم التهنئة، وتبادل أشهى أطباق الطعام بين الجيران طوال الشهر، لكن الأمر الآن اختلف وتحولت التهاني إلى مجرد رسائل ترسل عبر شاشة الهاتف، هذا إلى جانب تكلفة التجهيزات الخاصة بمناسبة «القرقيعان»، ذلك الاحتفال الذي كان يجسد جزءا مهما من تراثنا ويغرسه بشكل جميل وبسيط في نفوس الأطفال، فكان الصغار يرتدون الملابس ذات الألوان الزاهية، ويحصلون على الحلوى الشبه بدائية الصنع، والتي لم تكن بالأمر المكلف للأسر، فابتسامة الأطفال كان من الممكن الحصول عليها بأبسط الأشياء، أما الآن فأصبح «القرقيعان» بالأمر المكلف واختفت الحلوى العادية، واستبدلت بأنواع أخرى باهظة الثمن، وصار البعض يحرص على جلب الحلوى من الخارج كنوع من المفاخرة، وبات الأمر مرهقا ماديا بالنسبة للكثيرين، حتى شكل الاحتفال استبدل بشكل تدريجي، فبات البعض يقيم الاحتفال بداخل بيوتهم، وأصبح المستفيد الوحيد من ذلك الاحتفال هم «التجار» الذين يبيعون اطنانا من الحلوى خلال شهر رمضان.

وأعتقد أن البعض ساهم بشكل كبير في تغيير ملامح ذلك المظهر الاحتفالي التراثي العتيق، فسعي البعض إلى «الاستعراض» والتفاخر، جعل من الاحتفال أداة ومؤشرا للمستوى المادي، وهذا ما تسبب في العديد من التأثيرات غير الجيدة، حيث أصبح أطفال الحي الواحد لا يعرفون بعضهم البعض، بعدما انتقل الاحتفال إلى القاعات المغلقة، واقتصر الحضور على الأهل والأصدقاء فقط.

أؤمن وأقنع بأن جمال الأشياء يكمن في بساطتها، وأن تراثنا يتمتع بالرقي ويحمل لنا البهجة في كل زمان ومكان، وأنه يجب العمل على استعادته وتربية أبنائنا عليه، حتى يصل إلى الأجيال الجديدة في كويتنا الغالية، وأن ندرك أن تراثنا هو جزء من هويتنا التي لن نتخلى عنها مهما حدث.

أقولها لي ولكم، اغتنموا أيام الشهر الفضيل، أعيدوا أحياء تراثنا الرائع الذي لا يضاهيه أي تراث آخر في العالم، اجعلوا من البساطة البعيدة عن التكلف والخيلاء نهجا لكم، فاجعلوا من رمضانكم «بديرتكم أحلى».

Dstoory40@gmail.com

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد