آراء ومقالات المزيد

حدث | سورة فاطر - بقلم : شيخة العصفور

25/02/2021 12:45 ص
حدث | سورة فاطر - بقلم : شيخة العصفور
**

إن من أمتع الكتابات المقالية والقريبة من قلبي تلك المتعلقة ب‍القرآن الكريم من الناحية الإعجازية والتأملية، وعليه اليوم تستوقفني سورة فاطر فهي تحكي قصة الاختلافات في الكون من أكبر خلق الله إلى أصغر خلقه، فالاختلاف مبدأ كوني وسنة حياتية، هل تذكر عزيزي القارئ مقال المبادئ الكونية راجع مقال (خلق الخالق للكون) - (التغيير مبدأ كوني)، وها نحن أمام سورة فاطر تكمل نظرية المبادئ الكونية وتسرد أهمية الاختلاف والحكمة منه، فالله عز وجل يبدأ بسوره فاطر بقوله تعالى: «الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير»(1)، وسنة الاختلاف من أجل تنوع السبل المعيشية وتنوع الأرزاق، وأن الرزق ليس سبيله واحد بل مختلف السبل ليتلاءم مع جميع الظروف في تنوعه وتكامله وتكافله وتتابعه، لقوله تعالى: «وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون* يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير»(12، 13)، وكذلك «يأيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون»(3)، كما بينت السورة الكريمة الاختلاف في المتناقضات من أجل إدراك النعم لقوله: «وما يستوي الأعمى والبصير* ولا الظلمات ولا النور* ولا الظل ولا الحرور* وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور»(19، 20، 21، 22)، كما أنها تحتوي على إشارات علمية إعجازية مختلفة قد بينها القرآن من قبل اكتشاف العلم الحديث، من الجبال الشاهقة الكبيرة إلى الدواب والتي لا يرى بعضها بالعين المجردة، وبين مكانة العلماء في اكتشاف أسرار وعلوم الأرض وما عليها ليزداد الناس إيمانا ويقينا بالله عز وجل، فسبق القرآن بقوله تعالى: «ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود* ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور»(27، 28)، كما بين الله عز وجل أن الاختلاف ليس فقط بالمخلوقات إنما بالسلوك الإنساني أيضا، لقوله: «ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير»(32)، كما أن الاختلاف فيه إعجاز للعقل البشري الملحد والمشرك والكافر بقدرة الله ووجوده وإنه إله واحد لا شريك له، وينذر الذين لم يؤمنوا كيف كانت عاقبة الذين من قبلهم واختلاف العقاب والسخط من قوم لقوم آخر لقوله تعالى: «فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا»(43)، وختمت السورة بحكمة الله في الاختلاف وهو عدل الله في الناس ولطفه، والذي ملأ أركان السماوات والأرض لقوله: «ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا»(45)، فالله يمهل الناس قبل حسابهم، وعند الحساب فإن الله بصير بعباده ونواياهم فليس الكل متشابه في نفس العقوبة أو الخطأ وإن كانت الكبيرة واحده فسنة الاختلاف تتجلى في الأسباب.

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد