آراء ومقالات المزيد

حدث | عناكب الفساد - بقلم : د. سعود محمد العصفور

08/09/2020 12:25 ص
حدث | عناكب الفساد - بقلم : د. سعود محمد العصفور
**

أصبح للفساد تشعب، وحار من يتتبع مصادره في وجود شبكات عنكبوتية تنسج خيوطها في داخل الوطن وخارجه لتقع فريستها في حيزها لتفتك به، غير آبهة بثوابت الوطنية بعدما سمحت لنفسها بالاتصال مع من يقف إلى جوارها ويشاطرها سرقاتها لمقدرات الوطن، وكأنما هي حصص تخصص، وهبات توزع.

والارتباط بالخارج يجعل الوطن سلعة رائجة في أوساط الشبكات العنكبوتية العالمية المفسدة التي مازالت أخبارها تتوالى في ساحات الوطن وخارجه، والخطورة الكامنة في تشابك خيوط الفساد أنها تجعل سمعة الوطن على المحك في العالم المتحضر، وتصوره أمام الجميع أنه أحد منابع الفساد في الرسومات البيانية ومعدلاتها.

والأدهى والأمر ارتباط شخصيات لها تأثير في الشأن الكويتي، فهي تقف على سدة العمل في جهات حساسة هي مسؤولة مسؤولية مباشرة عن أمن الوطن، الأمر الذي يجعل اختراق الهيكل الأمني البنيوي سهل المنال في نظر تجار الفساد في الداخل والخارج، ويجعل أجهزة الدولة ومعلوماتها الاستخباراتية غير مؤمَّنة.

والدليل الذي لا يقبل الجدل تسرب أخبار من جلسات الجهات العليا في الوطن التي عليها منوط العمل الإداري والتنفيذي بشكل لافت، فاجتماعاتها وجداولها قبل الانعقاد معروفة ومخترقة، وأوقات انعقاد جلساتها وأماكنها باتت معروفة للفاسدين وشبكاتهم، بل أحيانا ما قد يتخذ من قرارات أضحى معروفاً ابتداءً بل متطابقاً لما يبثه الفاسدون من أخبار وخاصة عن طريق وسائل الاتصال بمختلف أشكالها.

ويلحظ الناظر بجلاء أن الفاسدين يتبارون في نشر الأخبار ومتعلقاتها في فخر واعتداد أن كلامهم هو الأصح والأصوب والأدق، حتى أضحى جميع المتابعين لهم يستقون أخبارهم ويتداولونها على أنها الخبر اليقين، فإن كان مذياع الزمن له برنامجه القديم الشهير بجهينة الأخبار، فإن عند هؤلاء جهينة الخبر اليقين.

والكل يتساءل: هل أضحى هؤلاء الذي يبثون الأخبار في الداخل من المفسدين بالداخل بيننا ومن جلدتنا، أم هم قابعون في الخارج لهم ارتباطاتهم التي يصعب علينا تتبعها واجتثاثها؟! والأمر المرجح أنهم مرتبطون بعضهم مع بعض في شبكات عنكبوتية تعمل داخل الوطن وخارجه، وأن نسيجهم يزداد تشعباً وخطورة في شتى مواطن الفساد محلياً ودولياً.

وإذا بحثت عن الأسباب والمسببات، فأنت لا محالة باحث عن سراب يتلاشى كلما اقربت منه، فصراع الديكة عادة يكون في حلبات العراك أمام الجميع، والتشجيع مفضوح إلى أن ينتهي الأمر بفوز الأقوى والأمنع. وفي الحال الذي نتحدث عنه يزداد صعوبة وإخفاءً، فكم من مدعٍ للفضيلة والوطنية تكشفه الأيام أنه أحد منابع الإفساد والعبث، ولا ريب أن الصراعات الخفية بين المتبارين على مختلف انتماءاتهم وصنوف مراتبهم هي أساس كل خراب وإفساد في الوطن.

إن الناظر لحال الأمم والبلدان وتقدمها يرى أن تعزيز الوطنية هو الدافع الأول في بذلهم وعطائهم، ولا يتأتى ذلك إلا بوضع الرجل المناسب في الموضع المناسب أمانة ودربة وعلماً وأدباً، ليكون مثالاً يُحتذى للجميع في جميل العطاء لخير الوطن ومن يسكن على أرضه ويتظلل بسمائه، وينعم بدفء شمس الفضيلة.

نحن بحق بحاجة إلى مصالحة بين أبناء الوطن أولاً وتذكيرهم أن الفساد مآله خراب الوطن بمن فيه من الصالحين والطالحين، ونحن أيضاً بحاجة أن نسهم في الوقوف مع المصلحين من أصحاب المبادئ الثابتة من أبناء الوطن في كبح الفساد، وتضافرهم على كشف الفاسدين ومواطنهم وألاعيبهم، وتتبع شبكاتهم العنكبوتية التي مازالت تنسج خيوط الفساد في داخل الوطن وخارجه.

القبس

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد