آراء ومقالات المزيد

حدث | شعب «مورو» يتحرر! - بقلم : يوسف عبدالرحمن

29/01/2019 12:47 ص
حدث | شعب «مورو» يتحرر! - بقلم : يوسف عبدالرحمن
**

y.abdul@alanba.com.kw


مسلمات من جنوب الفلبين يشاركن في الاستفتاء الخاص بالحكم الذاتي

في الثمانينيات تبنيت قضية «مورو» ضمن اهتماماتي وكتبت عنها «مدافعا» في الإعلام الكويتي خاصة «الأنباء» ولي فيها كتاب وملفات وزيارات واستطلاعات وتحقيقات صحافية لم يسبقني إليها أحد. وفي 1986 زرت ممثلا «الأنباء» أرخبيل مورو المشتعل، وشاركت في مظاهرتهم بالعاصمة مانيلا انطلاقا من المركز الإسلامي وقابلت الأخ عبدالمجيد أبوبكر جولنج وأثرت قضية وجود إسرائيل جديدة في جزيرة دباو!

وزرت المجاهدين المسلمين في جنوب الفلبين متجاوزا كل الحواجز العسكرية والأمنية التي أقامها الرئيس ماركوس وخرجت بسلسلة من التحقيقات المصورة التي سجلت واقع مورو المشتعل في قلب جزيرة مندناو، وزرت قاعدة «بشرى» وغيرها من القواعد. ومن يراجع جريدة «الأنباء» العدد (3628) 29 يناير 1987 يعرف انني زرت «مورو» يوم كانت في حرب حقيقية مع حكومة مانيلا، وقد قابلت في هذه الزيارة القادة العظام في الجنوب وهم: العالِم الشيخ أحمد بشير، رحمه الله، نور ميسواري، سلامات هاشم، رحمه الله، وكان مرافقي الدائم الأخ الشيخ «حجي مراد» سيادة الرئيس الحالي للجنوب في هذه الرحلة.

وحققت أول مقابلة حصرية للقائد عبدالعزيز منبتس، رحمه الله، في قاعدة بشرى.

أعود بعد هذه المقدمة التاريخية وأقول إنني لست مدعي بطولة وإنما مشارك بالحلم الجديد الذي تحقق لمسلمي الفلبين بعد ان صوتوا بالأغلبية المطلقة بـ «نعم» على «الحكم الذاتي» الذي يُنهي «صراعا مريرا لمسلمي مورو» ضد القوات الفلبينية وامتدادا لحكم السلطان (لابو لابو) بطل الجنوب الذي قاوم التنصير القادم على يد ماجلان!

ومن العجيب أن هناك كثيرا من الشعب الفلبيني يعتبرونه بطلا قوميا يمثل (المسلمين والمسيحيين) لأنه (رمز وطني) لبلادهم وصراعاتها مع الاعداء عبر التاريخ المعاصر.

أنا كمطلع ومتابع وموثّق لأحداث هذا (الأرخبيل الإسلامي المشتعل) عبر التاريخ أرى أن إقامة (حكم ذاتي) للمسلمين جنوب الفلبين تُنهي عقودا من (الحروب) التي اسفرت عن سقوط آلاف القتلى والمنكوبين، وأن تحول (قوات مورو الإسلامية) اليوم لحزب سياسي سلمي في الكونغرس الفلبيني الأكيد هو (الأفضل) في ظل هذه الصراعات والحروب التي تخلّف الدمار والتراجع في ظل الاحكام العرفية والاضطرابات والصراعات.

عشرون مليونا من المسلمين سيحظون بالحكم الذاتي هو بداية صحيحة اليوم لحياة مدنية عصرية بدلا من هذا التطاحن غير المتكافئ.

بشرى بشرى للمسلمين الأحرار في العالم: مجلس الاستفتاء الوطني التابع لهيئة الانتخابات الفلبينية (COMELEC) أعلن رسميا مساء الجمعة الماضي الموافق 25 يناير 2019 فوز مسلمي مينداناو بجنوب الفلبين بالتصويت في الاستفتاء الشعبي على قانون بانجسامورو الدستوري (Bangsamoro Organic Law) يوم الاثنين الماضي الموافق 21 يناير، وذلك بعد التصديق عليه من قبل الرئيس الفلبيني العمدة رودريجو روا دوتيرتي ومن البرلمان الفلبيني الكونغرس ومجلس الشيوخ العام الماضي 2018م. تجدر الإشارة إلى أن القانون يمنح شعب بانجسامورو حكما ذاتيا حقيقيا وموسعا حيث سيتم انشاء حكومة بانجسامورو وزارية الشكل التي تشكّل وزارات ومحاكم تطبق نظام الشريعة القضائي، كما سيتم تقاسم الثروات والضرائب في المنطقة الجوهرية لحكومة بانجسامورو مع الحكومة الفلبينية المركزية، علما بأن نتائج التصويت هي: الذين صوتوا بـ «نعم» مليون وخمسمائة وأربعون ألفا وسبعة عشر (1.540.017)، والذين صوتوا بـ «لا» مائة وثمانية وتسعون ألفا وسبعمائة وخمسون (198.750) فقط. كما أعلن المجلس أن مدينة كوتاباتو تشكل جزءا من بانجسامورو في حين أن مدينة إيسابيلالا تشكل جزءا منها، بينما بعض المناطق والقرى في محافظة لاناو الشمالية وكوتاباتو الشمالية سيتم إجراء الاستفتاء الشعبي حول انضمامها لبانجسامورو من عدمه وذلك في 6 فبراير 2019م القادم بإذن الله تعالى.

٭ ومضة: نجاح باهر واختيار عاقل أن يصوّت مليون و540 ألفا و17 شخصا بـ «نعم» في هذا الاستفتاء الشعبي على قانون «بانجسامورو» ما يعادل 88.57% الذي يمنح لجنوب الفلبين الحكم الذاتي الموسع، مقابل 189 ألفا و750 لـ «لا» أي 11.43%.

أما مدينة «ايزبيلا» الواقعة اليوم خارج منطقة ماندناو فصوتت بـ «لا» على القانون لتبقى خارج منطقة الحكم الذاتي، وعلى المسلمين الالتفات لها في التصويت القادم الذي سيُجرى في 6 فبراير لتقرير مناطق تطالب بالانضمام الى منطقة بانجسامورو.

٭ آخر الكلام: سيتمتع مسلمو مورو بحرية إدارة شؤونهم الداخلية وستكون لهم محاكمهم وفق الشريعة الإسلامية لكنهم يتبعون مركزياً الدولة في شؤونهم الخارجية، وعلى ان تسلّم جبهة مورو الإسلامية أسلحتها تدريجيا بالتزامن مع إنجاز خطوات اتفاق الحكم الذاتي لتكتمل العملية في 2022 ويتحول كيان «الجبهة» الى كيان سياسي خاضع لقانون الأحزاب الفلبيني.

٭ زبدة الحچي: أتصور انه مع الممارسة في الحكم الذاتي ستبرز قضية «المجموعات المعارضة للاتفاق»، وهذا يتم التعامل معه وفق أجندات مدروسة من مختصين في كل القطاعات.

لقد وصل الإسلام في الفلبين عن طريق «التجارة» وكان للتجار الحضارمة دور كبير في هذا، ثم بدأت الأزمة مع الاحتلال الإسباني عن طريق «ماجلان»، ثم الاحتلال الأميركي بموجب اتفاقية باريس وحينها واجه شعب مورو الاحتلال الأميركي لمدة 4 عقود.

لقد شهدنا توقيع معاهدة عام 2014 عندما وقّعت كبير المفاوضين في الحكومة الفلبينية ميريام كورونيل فيرر ورئيس مفاوضي جبهة مورو الإسلامية حجي مراد اتفاق سلام في كوالمبور، والذي مهّد لإنشاء كيان مستقل جديد سُمي باسم بانجسامورو، وقد حاول «داعش» ان يختلق «الأعذار» وعرقلة هذا الاتفاق بالمواجهة والدخول الى «مراوي» واحتلالها وعرقلة الاتفاقية، لكنه فشل أمام إصرار الشعب الجنوبي ليحكم نفسه ذاتيا، رافضا الوصاية والانفصال الذاتي.

أنا متأكد أن أرواح كل الشهداء الذين مضوا من أجل الجنوب محررا يحبذون هذا «الوضع الآمن» من أجل إقليم إسلامي مستقل وبعيدا عن التطاحن والضحايا، وهنا سيكون الضحية شعب مورو نفسه.

وما ضاع حقٌ وراءه مُطالب.

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد