آراء ومقالات المزيد

حدث | أحلام كبيرة ورؤى المشروعات الصغيرة - بقلم : د. ناصر أحمد العمار

17/10/2018 12:32 ص
حدث | أحلام كبيرة ورؤى المشروعات الصغيرة - بقلم : د. ناصر أحمد العمار
**

تقف أمام مشروعها التجاري في أحد أسواق الديرة تراقب أعمال الترميم ومن ثم أعمال الديكورات كي تحول المكان لمقهى ذي طابع كلاسيكي يعكس أحلامها وتطلعاتها وان تكون سيدة أعمال حرة، حلم طالما راودها وكثير من بنات جنسها وكذلك الشباب، فأطلقت جل إمكانياتها واستعانت من بعد الله بالصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتمويل مشروعها، اذ ان الصندوق له رؤية حضارية تنقل الكويت الى مرحلة جديدة، تكمل الفتاة عملها لتكون إحدى عناصر التغيير في رؤى الشباب الكويتي حول العمل اليدوي الحر وتشق طريق التجارة باستقلالية تامة وتتحرر من رتابة العمل الوظيفي.

لم يكن يوم افتتاح مشروعها عاديا بالنسبة لها بل كان يوما استثنائيا، فبرنامج الحفل يضاهي برنامج افتتاح كبرى المطاعم العالمية، ونجحت في دعوة شخصيات إعلامية واجتماعية بارزة وسيدات أعمال لحضور الحفل والاستمتاع بأجوائه وتعلن حينها للجميع أنها استطاعت أن تحول حلمها الى حقيقة تجلت بمشروعها هذا لتثبت قدرتها وقدرة الشباب الكويتي على الارتقاء بالعمل اليدوي المهني الحر ليحتل مراكز عليا ضمن سلم الأولويات الاجتماعية، كان حفلا مختلفا (غير) عن الاحتفالات والمناسبات المعتادة التي تقيمها بنات جنسها، فتمنى لها الحضور التوفيق والنجاح والتوسع في مشروع المقهى، لم يمر هذا اليوم على أسرتها مرور الكرام، كان يوما سعيدا أثبتت قدرتها على تحويل الحلم الى حقيقة وامتلاك مقهى في «سوق المباركية» تنافس فيه من سبقها بهذا النوع من العمل الخاص، معتمدة على ثقتها التي قادتها لاختيار موقع من اكثر المواقع التجارية حيوية في البلاد لتتمركز في عرين الأسد، وهو المكان الذي يعد مدرسة في البيع والشراء لتفخر يوما بأنها حفيدة السندباد الكويتي الذي تشهد له سواحل أفريقيا وشواطئ شبه القارة الهندية.

يتكرر المشهد مع العديد من الفتيات والشبان الطموحين الذين عزموا الأمر للقيام بافتتاح العديد من المشاريع «وأكثرها مقاهي ومطاعم» معتمدين على منح التمويل المالي بعد ان يقدموا لها «دراسة جدوى اقتصادية» وسرعان ما يتم الحصول على الموافقات اللازمة للتنفيذ، لكن.. وآسفا على أفكار وآمال وأمنيات هؤلاء الشباب وعلى تلك العزيمة والإرادة القوية والحلم الكبير الذي تبخر مثل حلم تلك الفتاة الذي أمسى ذكرى أليمة لمشروع فشل في مرحلة المهد! فما لبث ان تحول الى كابوس مخيف وضاعت فرحة الأيام الأولى وأدركت انها «هبة كويتية» وتناسى الزبائن المكان والانتقال لمقهى او مطعم جديد آخر بعد ان شيع المشروع الأول لمثواه الأخير ونسجت العنكبوت على أبوابه بيوتا وتحصنت قطط سوق السمك خلف ديكوراته الراقية وتعشعش الفئران زوايا طاولات الطعام وتطفأ الأنوار البهيجة لموعد غير مسمى.

هناك في الجانب الآخر صوت لأعمال النجارة والحديد تبني وترمم موقعا جديدا، ويراقب ذلك الشاب أحلامه على شريط الأوهام دون أن يدرك المصير الذي وصل إليه من سبقه.

قلة من الشباب تقف طوابير لامتطاء التحدي، فرسان جدد للعمل الخاص الحر ليعيدوا أمجاد الآباء والأجداد، لكن هيهات هيهات للبعض بمشاريع ذات مصير محتوم! هل نحتاج فشلا اكثر من هذا الفشل حتى نعيد النظر في معايير وشروط تمويل المشاريع الصغيرة وتوجيه الشباب الى كيفية اختيار مشاريعهم والابتعاد عن التقليد؟!

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد