آراء ومقالات المزيد

حدث | العيب أن يلازمنا الخطأ - بقلم : فاطمة المزيعل

22/03/2024 12:22 ص
حدث | العيب أن يلازمنا الخطأ - بقلم : فاطمة المزيعل
**

من منا لا يخطئ؟ من منا لم يذنب؟ من منا لا يسيء تقدير الاشياء؟ كلنا معرضون للسيئة والخطيئة، كلنا نسيء التقدير وليس عيباً أن نخطئ، وإنما العيب أن يلازمنا الخطأ ولا نتعلم منه او نتراجع عنه، يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: «لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم» (رواه مسلم).

فكل إنسان في هذا العالم يرتكب أخطاءً ومساوئ بحسب شخصيته ورغباته، وقد ينحرف عن الخط المستقيم ويسلك طرقاً موازية لكن تحثّه روحه باستمرار على العودة إلى الطريق الصحيح.

في بعض الأحيان، قد تنتج روحه تصرفات أو سلوكيات أو أفكاراً لا تتماشى مع حقيقتها أو مع طبيعة الشخصية الفردية، وقد يتأثر أحياناً بمحيطه ورغباته وأوهامه وقوة «الأنا» الهائلة لديه، نتيجة لذلك، تتلاحق الأخطاء المرتكبة.

وقد لا يدرك الشخص الذي يسلك هذه الطريق أنه مخطئ او مسيء، لكنه يفهم تدريجياً المعاناة التي سبّبها لنفسه او للآخرين حوله، فينشأ شعور قوي بالذنب في أعماق ذاته، يترسّخ يوماً بعد يوم لا يستطيع محوه.

وهنا يشكّل الذنب مشكلة محورية يتذمر منه عدد كبير من الاشخاص، مشكلة تصر على إبقائنا عالقين في مساراتنا، عاجزين عن المُضِيّ قُدُمًا، عاجزين عن اجتياز الأمس لتركه وراءنا، فيصبح عائقاً كبيراً أمام رغباتنا وطموحاتنا، ويقنعنا بأننا لا نعيش حياة كاملة أو لا نرقى إلى مستوى احلامنا.

فما أسهل أن تتعثر في ظلمة شعورك بالذنب وذكرياتك السيئة وأخطائك التي تشبه رمالا متحركة مهتاجة تجذب النفس بقوة إلى الأسفل، ويوقِعُها في شَرَكِه أحيانًا، عبر فوضى غير مُختَبرَة تتدفق من كل حدب وصوب تُقصِي الجديد والممكن.

ومن بديهيات علم النفس أننا محصلّة ما لأيامنا الماضية، لذا كثيرًا ما نُدفَع إلى النظر للماضي لنتمكن من المُواصلة باتزان وحكمة، لكن عند نقطة معينة؛ يغدو تقدير الماضي وتحليله مُكبِّلًا لك، يُقيّدك في مكانك، ويعرقل سعيك للمُضيّ قُدُمًا، كالصمغ، لا يزول من تلقاء نفسه بل تحتاج إلى كشطه وإزالته.

وقد يتمثل المُضيّ قُدُمًا في إعادة تشكيل علاقة بحيث تكون أنت أقل عطاءً وأكثر واقعية، لكن نادرًا ما يكمن الحل في قطع تلك الصِلات، فكِّر في التغيير، لا البتر، مع التمسك بالأمل في أن يتغير شعورك للأفضل يومًا ما.

لذلك يجب أن يدرك الشخص وضعه بطريقة تدريجية، فمعظم تلك الامور عبارة عن مؤشرات تحذيرية وقد تمنعه من تغيير سلوكه واستعادة قيمه الفعلية، وهنا قد لا يفقد الشخص قيمته الحقيقية فقط! لكنه قد يتناساها تماما.

وينسى الكثيرون حقيقتهم الكامنة في أعماق ذواتهم ويتجاهلون الحب الكبير الذي يجب أن يحملوه لنفسهم.

تُعتبر «راحة الضمير» شائعة ولا يمكن التوصل إليها قبل أن تدرك أنك سلكت طريقاً خاطئاً او سيئاً وارتكبت الأخطاء لكن من دون أن تشعر بالذنب بسببها، فمن الطبيعي أن يرتكب الناس الأخطاء، لكن من غير الطبيعي أن يركزوا عليها ويطوروها لأنها ستفسد حياتهم وتجعلهم يكرهون انفسهم.

وبغض النظر عن طبيعة أخطائك، على مستوى التفكير والكلام والتصرّف، يجب أن تتخلى عن مسؤوليتها كي تتحرر وتتابع حياتك بطريقة متناغمة. ما حصل أصبح جزءاً من الماضي، لذا يجب أن تعيش اللحظات المتبقية لك براحة وإيجابية. يجب أن تنقطع بالكامل عن الماضي المثقل بالأعباء لأنه لم يعد جزءاً من حياتك الراهنة.

سامح نفسك، أحبّ نفسك، زد مستوى وعيك.

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد