آراء ومقالات المزيد

حدث | رسائل قلبية - بقلم : د. سعود محمد العصفور

19/06/2019 12:14 ص
حدث | رسائل قلبية - بقلم : د. سعود محمد العصفور
**

قلت:
رسالة مغلقة!
لا يحق لك فتحها!

القلب مستودع الأسرار، ومكامن الشعور، وروعة الجمال، يشاطره العقل في ذلك، وقد نصل في التصور إلى منطقة اللاشعور، حيث الخيال الذي يطلق عنان الفكر إلى عالم لا حدود له، والقلب وما يبثه من أشجان وتصورات هي رسائل نفهم كنهها في غالب الأمر، لكننا قد لا نفهم مناسبتها أحياناً، ولعل وجودها كامنة لها أن تخرج في أي وقت دونما ضابط.

قد نفهم كنهها إذا تذكرنا أشياء ذكرتنا بمن تعلقنا به من الراحلين الذين كانت لنا معهم أيام أنس وصفو ووداد، وخاصة الأقارب الذين رحلوا في فترة كنا وهم بمنزلة الروح للجسد، كالأمهات والآباء والأعمام والعمات والأخوال والخالات والأشقاء والشقيقات، فضلاً عن الأصدقاء وغيرهم. وفي هذا السياق، فإن رسائل القلب تكون حاضرة متتابعة تذكرنا بأدق التفاصيل.

أما العواطف الأخرى، وعلى رأسها الشعور بمحبة الغير والشوق إليه، فإن رسائل القلب تكون أشد وقعاً لو كان حباً في بداية حياة، لأنه الأجمل، فقد جاء والقلب في ريعان شبابه، كان خالي الشجن، فأشغله الشجن، فأحس لأول وهله بشعور مغاير عن بقية المشاعر، كانت أول رسالة قد استودعها ولم يكن لها في الجمال نظير، فملكته وغيرت من حاله وأحواله، بحيث ان من بقربه من الناس يلحظ هذا التغير وينكر عليه ما أضحى فيه من بعد في تواصله مع بقية الناس، وميله للانعزال والوحدة، وشرود ذهنه في حضور الناس.

ولا يمكن أن نجعل رسائل القلب حكراً على الحب الأول في الصغر، فإن الحب كائن كامن في النفوس في كل سني العمر، والإنسان يشعر به طالما هو على قيد الحياة مع اختلاف الناس وائتلافهم في فهم رسائله القلبية التي يبثها الشوق في كل وقت. رسائل القلب جميلة كجمال الأحاسيس والمشاعر في غاية الشوق وتباريحه، تتجدد بتجدد الشوق إلى تفاصيل أسعدتنا، ومواقف كان لها وقعها الجميل. فعندها يكون أوان الحب بداية ربما تبقى لسنين طويلة، أو تبقى العمر كله، نظن فناءها، لكنها حتماً لا تفنى!

رسائل القلب لا كابح لها ولا رادع، سوى ما اعتقدنا به أو ما تعارفنا عليه من أوامر وقيم، شاركنا الغير فيها دون أحقية ملكيتها، ولأنها تخصنا، فبعضها غير قابل للبوح والعلن للغير الذي قد ينكرها، ويصغرها في عيونناً ظناً منه أنها خرجت في غير مناسبة ولا عقلانية، وأن علينا محوها أو تجاهلها، لكننا وإن جاملناه في ذلك، لا نملك صرفها، فنحن نعلم مداها وجمالها، وحسبنا أنها في قلوبنا رسائل محفوظة لا يحق للغير تمزيقها أو محو سطورها.

dr.al.asfour@hotmail.co.uk

القبس

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد