آراء ومقالات المزيد

حدث | طفلك على ما تربيه - بقلم : د. غازي العتيبي

20/07/2018 12:07 ص
حدث | طفلك على ما تربيه - بقلم : د. غازي العتيبي
**

رسالة، من أحدهم سأل فيها: يا دكتور، طفلي يكذب باستمرار، حتى انه، أصبح يختلق لنا، مواقف ليجد أعذارا، وكل مرة يكذب، اضطر لضربه، وعقابه، ولكنه لا يرتدع. من المهم في تربيتنا للطفل، أن نبحث، عن الدافع، وليس الرادع، الأطفال يلجأون للخيال، كنوع من الحماية، من العقاب، مما يجعلهم يختلقون، أشخاصا، ومواقف لم تحصل، ولابد أن نراعي، أهمية، هذا الخيال، عند الطفل فهو نوع، من أنواع، التعبير عن القبول، أو الرفض، الذي يتمكن من خلاله، من التنفيس، عن انفعالاته.

يتعمد الطفل الكذب، حين تنعدم لغة الحوار، مع والديه، وكلما برع الطفل، في الكذب، كان ذلك مؤشرا خطير على اضطراباته النفسية التي سببها الرئيسي هو طريقة تعامل الوالدين معه، فحين يكون العقاب قاسيا بالضرب، أو الصراخ، ومناداته بألقاب تجعله يشعر برفضه للذات، يكون الكذب منقذا ولا مفر منه، لذلك بدلا من ان تعاقبي طفلك، افحصي طريقة تعاملك معه، حاوطيه بالحب، والتقبل غير المشروط.

وهذا ما يفسر بعض حالات العزلة والصمت، وعدم اختلاط الطفل مع أقرانه، وحتى في عصبيته المبالغ فيها.

انعدام الشعور بالأهمية يولد لديه شعورا بانه مرفوض، مما يجعله يشعر بالذنب، فيكون أكثر عرضة للسلوكيات العدوانية، وعي الطفل في حالة أخذ مستمر، لذلك الصد فان من قبل الوالدين، أو العقاب بعدم التحدث إليه، يجعل وعيه يرتد برسائل خطيرة، تجعله فيما بعد عرضة لأي سلوك غير سوي.

دعونا نعترف بان أساليب التربية المتبعة الآن، بما فيها من سرعة واختصار، أدت إلى احتضار الكثير من القيم في الإنسان، لم تعد تبنى على أساس الاهتمام والتواجد الدائم، في نشاطات الطفل، فتجد الأبوين منشغلين دوما عن الطفل، مما يفقده الإشباع النفسي والشعور الصحي.

حين تذهب لأخذ ابنك من المدرسة أو أي مكان لابد ان تبني معه حوارا وتعوده ان يحكي لك كل ما حصل خلال اليوم، فبذلك يتحدث إليك عن أي مشكلة تواجهه وتخلق علاقة وطيدة معه، تبنى على الصداقة والصراحة وليس الخوف.

الحوار مهم للأطفال فهو يجعلهم يستوعبون أكثر من غيرهم ويعزز ثقتهم بانفسهم، ويمنحهم مشاعر الأمان التي تقيهم أي استغلال.

عزيزتي كل أم، عزيزي كل أب، طفلك في مرحلة نمو، فلا تقس عليه في أي توجيه، ولا تستغل الدين للتخويف، كأن تقول ربي يحطك بالنار لأنك كذاب، فذلك يعزز الخوف الذي بدوره ينتزع أي بذرة تأسيس سوية، لذلك لابد أن تحببه بما تقول، تجعله يشعر بالفخر حيال ذاته، إذا فعل ما تريد، فكل ذلك مقومات لصناعة نفسية صحية.

في أحد الأيام، كان رجل يوبخ طفله في مكان عام، لأنه طلب منه أن يشتري لعبة، واستمر الطفل في الإلحاح، فما كان من الأب إلا الصراخ ما تفهم يا غبي.

في مثل هذا الموقف، لابد أن يتصرف كل أب وأم بنوع من الذكاء، بأن يحاول بصوت هادئ أن يخبر طفله بسبب الرفض ويوضح له ويشجعه انه إذا أحسن التصرف سيكافئه، ويحاول ان يلفت تركيزه لشيء مبهر، مثل: انظر لذلك اللون ،الشكل، الحجم، ولابد أن نعرف ان استجابتنا للطفل، وإعطاءه ما يريد يجعل هذا التصرف يتكرر بالتأكيد.

لابد أن نعي أننا قادرون على أن نمتص غضب الطفل، لأن وعيه كالإسفنجة يشرب كل شيء إذا استطعنا صرف تركيزه نحو شيء آخر.

من السهل عليك ان تنمي خياله بالهوايات، التي تطور سلوكه، وتفرغ نشاطه فيها بشكل صحي يعود عليه بالحيوية.

تجنب العقاب، والتهديد، لأن ذلك يجعله طفلا عصبيا، ويضعف من شخصيته، لابد أن يكون البيت مصدر أمان، واهتمام، وان نتساعد (أب، وأم) في منحه الحب والحنان، أوصل اليه ما تريد ان يفعله بشكل غير مباشر، قراءة قصة قبل النوم تتضمن السلوكيات، واجعل بطل القصة شخصا يفعل ذلك، وقم بتوضيح كيف أن سلوكه له تأثير إيجابي على الآخرين، فذلك يسهم في خلق خيال واسع ورحب، واستجابة سريعة من الطفل.

في الختام، لابد أن نتذكر أن تربية الطفل مسؤولية وليست عبئا، كلما كان لنا دور يسهم أصبح طفلنا يفهم ويعرف بشكل أسرع.

@Dr_ghaziotaibi

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد