آراء ومقالات المزيد

حدث | من واقع الحال (مقتطفات) - بقلم : د. غازي العتيبي

21/08/2018 12:45 ص
حدث | من واقع الحال (مقتطفات) - بقلم : د. غازي العتيبي
**

أفكارنا المتضاربة عن أنفسنا والآخر قد تجعلنا نصل إلى طريق مسدود في طريقة التواصل، فمن يظن انه معه الحق تجده أكثر من تسبب في التفريط فيه إما بعصبيته المعتادة أو لسانه السليط.

أصبحنا ننظر لبعضنا معي أو ضدي ومن قدك إذا لقيت من يبادلك المحبة دون ان يطلب منك مصلحة، لم نعد نعرف الحب بمفهومه الواسع والشامل، أصبح فهمنا ماديا محدودا وعقلنا يلاحق ميزان عاطفة مليئة بالمتناقضات والشكوك وغنية بقلة الادارك لمعنى الإحسان.

ان تحب نفسك يعني ان تحب الخير لك ولغيرك فالمحبة لا تتجزأ ولا تتحيز وإلا خرجت عن كل نطاق سوي لكل أناني.

سألني أحدهم: يا دكتور: لماذا الناس تتعامل بحذر وتتنبأ بوجود السيء في الآخر قبل الزين؟

قلت: هذه دفاعات نتبناها لنحمي أنفسنا كي لا تنصدم إذا وقع ما نخاف، لكننا للأسف نعيشها بقلق ونحميها بشكل خطأ ونسهم بتشاؤمنا في تحقق الأسوأ.

سوء الظن تجارب سابقة خزناها برسائل سلبية مثل: الناس ما فيهم خير، وغيرها، فصارت ردة فعلنا مع الغير تتسم بالحذر المبالغ فيه فلا نكون على طبيعتنا أو تلقائيتنا فنصبح متصنعين.

حين نخرج من دوامة «هم فعلوا» سنجد «ما نفعله»، وحين نتسم بقدر من الإيجابية ستمتد أيادينا بالخير مهما كان عطاء الغير.

التجارب مع الأشخاص ملفات مخزنه تفتح حين تجد ما يشبهها أو ما كتبته على الملف من عبارة، فحين تتعرض للخيانة من صديق وتقول: لا يوجد شيء اسمه صداقة، من الطبيعي حين تلتقي بمعارف جديدة سيساورك شعور بعدم الارتياح، هذا ليس بسبب الطرف الآخر، فقد يكون في غاية اللطف والخلق لكن بسبب حكم مسبق عممته لذلك أي تجربة تعيشها لابد ان تستفيد منها على نحو يزيدك خبرة ولا يسلبك القدرة.

تواصلنا الاجتماعي أصبح محدود لدرجة اننا نكتب ما نريد أن نقوله عبر رسالة في الواتساب، لم نعد نملك أدنى معيار للتعبير حين نقابل الأشخاص، فأصبحت الإيموجي التعبيرية تقوم بالواجب حتى أصبحت ملامحنا تتسم بالبرود نتقابل كغرباء فكل شيء استهلكناه وراء عالم افتراضي من الطبيعي ان تكون مشاعرنا متخبطة لا نغفر الزلة واقفين لبعضنا على الوحدة.

فالتواصل الطبيعي بالعين والكلمة والانصات والحوار يجعلنا نذيب حواجز نفسية بيننا وبين الآخرين فلا عجب ان تجد من لا يغفر بسهولة لأنه تحجر فكريا حين انفتح تكنولوجيا.

لا تأمن للغفلة ولو زينت لك ما تراه، ولا تجهل العبرة ولو عانيت مما جرى، واسلك مسلك وضوح ولو غارت عليك الجيوش، فغير الصدق لن ينجيك، ولا تعط لنفسك مجالا للندم، فإنه ما دخل قلب إنسان الا انتزع شجاعته، ولا تجعل كل ما صار قاضيا ولا كل ما سيأتي فاضيا، وعليك بالصبر الحلو الذي يجعلك في محنتك تكتشف العبر وتدرك انك لو لم تكن في هذه الحال لن تعرف سواه، ولا تأبه لكلام المحبطين لو وجدوك في ضيق قالوا: مسكين، وان رأوك في نعيم استكثروه عليك، واظفر بالكلمة الطيبة فإنها ما وجدت مائلا الا عدلته، ولا بعيدا الا قربته، وخذ لك من الصمت عنوانا حين يكون الحديث ليس له مكان، ففي الصمت نبصر ما لا نراه ونحن مشغولون بالكلام، وتذكر: لن تستطيع ان ترجع وقتا جميلا من زمن فات لكن بإمكانك صناعة اللحظة التي تريد الآن.

Dr_ghaziotaibi@

الأنباء

التعليقات

ادارة الموقع غير مسئولة عن تعليقات المشاركين واى اساءة يتحملها صاحب التعليق وليست ادارة الموقع

آراء ومقالات المزيد
كاريكاتير المزيد